الأخذ وقد نصوا في الوصي إذا علم بالدين دون غيره أنه إن خفي له دفعه دون معقب فعل وإلا كان شاهدا.

ومن ابن يونس قال مالك في ميت أوصى لصغير بدينار ولم يشهد على ذلك إلا الوصي: فإن خفي له دفع ذلك حتى لا يتبع به دفع ذلك دون السلطان، وكذلك لو رفعه فلم يقبل شهادته السلطان ثم خفي له دفع ذلك فله ذلك، وقد كنت أفتيت في زمن القائد أبي القاسم بن السراج رحمه الله أن يأخذ المجاهد من الغنيمة قدر حقه لقلة الاهتبال بجمع الغنائم وقسمها، وما كان أحد وافقني على ذلك حتى وجدت النص بما أفتيت في نوازل البرزلي، وكان من جملة مستندي مع ما تقدم ما نقله عياض أن هارون الرشيد أجاز مالكا بثلاثة آلاف، فقيل لمالك: يا أبا عبد الله ثلاثة آلاف تأخذها من هذا؟ كأنه يستكثرها، فقال: إذا كان مقدار ما لو كان إمام عدل فأنصف أهل المروءة أصابه شبيه لذلك لم أر به بأسا.

وسأله غير واحد عن جائزة السلطان، فقال: لا تأخذها، فقال له: فأنت تقبلها، فقال له مالك: تريد أن أبوء بإثمي وإثمك. اهـ. وانظر قول مالك هذا إنما هو لأن التصريح بالفقه لمثل هذا السائل موحش. كما قال ابن القاسم حين منع من قبالة مصر، فقيل: أشهب يقبلها، فقال للرجل: قم أنت ببعض ما يقوم به أشهب وحينئذ خذ ما يأخذ أشهب، أو كما قاله. وكما حكي عن زيادة الله عامل إفريقية أنه أجاز العلماء، فمنهم من قبل الجائزة ومنهم من ردها فَاسْتَنْقَصَ زيادة الله كل من قبل، فبلغ ذلك أسد بن الفرات - وكان ممن قبل - فقال: لا عليه إنما أوصلنا إلى بعض حقنا والله حسيبه فيما يمسكه عنا، وقد نصوا أنه إن لم يكن بيت مال أن يجمع الناس مالا ليرتبوا به الجند وحملة العلم؛ أعني فرض الكفاية الذي سئل مالك عنه، أهو فرض؟ فقال: أما على كل الناس فلا. قالوا: والذي يتعين عليه هذا العلم هو: من جاد حفظه وحسن إدراكه وطابت سجيته وسريرته، فمثل هذا هو الذي يجوز له أخذ الجائزة، ومن لم يكن فيه هذه الأوصاف فلا يجوز له الأخذ، وربما كان طلبه للعلم من باب العبث بالنسبة للمصلحة المجتلبة، ومن طلب ما لا يطيق في حقه وكلاهما باطل شرعا، فكيف يحل له أن يأخذ على ذلك مرتبا أو أجرا؟ اهـ كلام المواق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015