أعلم. قال عبد الباقي: وإن رجع بعد الحكم من يستقل الحكم بعدمه كثالث ثلاثة في مال فلا غرم عليه لبقاء اثنين فإن رجع ثان غرم هو والأول النصف سوية.
فإذا رجع غيره فالجميع يعني أنه إذا رجع غير من يستقل الحكم بعدمه بأن رجع من لا يتم الحكم دونه، فإن الغرم على الجميع أي جميع الراجعين يغرمون ما رجعوا عنه من يستقل الحكم بعدمه وغيره، قال ابن مرزوق مفسرا للمص: يعني أن رجوع بعض الشهود الموجب لغرم الراجع هو ما إذا كان الحكم لا يستقل إلا بالراجع لتحقق إتلافه بشهادته ما يغرمه، وأما إذا كثر الشهود ورجع بعضهم وبقي من يستقل الحكم به ولا يحتاج إلى من رجع، فإن الراجع لاغرم عليه لأنه لم يتلف بشهادته شيئا لأن وجوده كعدمه، ثم إن رجع من لا يستقل الحكم بعد رجوعه بمن بقي فإن هذا الراجع آخرا يشترك في غرم ما ينوبه مع جميع من تقدم قبله، وهذا معنى قوله: "فإذا رجع غيره" أي غير من رجع والحكم مستقل بدونه وبالضرورة لا يكون هذا الراجع آخرا إلا من يستقل الحكم به تحقيقا للغيرية. وقوله: "فالجميع" أي من رجع أولا وآخرا وهو مبتدأ وخبره محذوف أي يغرمون، وقد تقدم شيء من هذا الحكم عند قوله: "وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم ولا حد"، وإنما لم يكتف عن هذا النص بذلك لأن ذلك خاص بمسائل الزنى، وذكره ليفرع عليه ما يناسبه مما ذكر هنالك وهذا النظر عام في كل رجوع، وبالجملة لا يخلو كلامه من تكرار، وما ذكره من أنه لا غرم على من يستقل الحكم بدونه هو المشهورة وقيل يغرم الراجع مطلقا، قال ابن يونس: ولو كانت البينة ثلاثة فرجع أحدهم بعد الحكم فلا شيء عليه لبقاء من يثبت به الحق، ثم إن رجع ثان غرم هو والراجع قبله نصف الحق بينهما بالسوية. وقال محمد بن عبد الحكم: إن رجع أحدهم غرم ثلث الحق وهو أحب إليَّ، وقاله أشهب في أربعة شهدوا بدرهم فرجع ثلاثة أن عليهم ثلاثة أرباع درهم. اهـ.
وقال الشبراخيتي: وإن رجع من يستقل الحكم بعدمه فلا غرم على الراجع حينئذ، فإن رجع بعده غيره ممن لا يستقل الحكم بعدمه فالجميع أي يشتركون في الغرم بالسوية، فإذا رجع اثنان من أربعة فلا غرم على الراجعين لبقاء النصاب، فإن رجع ثالث غرم مع الأَوَّلَيْن النصف أثلاثا