فقد بان مما ذكرنا أن النساء تضم للرجل في الغرم في شهادة الرضاع في حالة رجوعه مع بعض من يستقل الحكم به ومعهن كلهن، بخلاف شهادة الأموال فلا تضم له في الحالتين، فإن قُلْتَ: كيف يتصور غرم شهود الرضاع بالرجوع؛ لأنه إن شهدوا بعد البناء فقد وجب لها به الصداق ولم يتلفوا له مالا وإنما أتلفوا عليه الاستمتاع فقط، وإن شهدوا به قبله فلا غرم على الزوج لأنه لا نصف لها في فسخ الرضاع قبله؟ فالجواب: أنه يتصور بعد موت الزوج أو الزوجة فيغرم الشاهدان للباقي من الزوجين ما فوتاه من الإرث، ويغرمان للمرأة بعد موت الزوج ما فوتاها من الصداق إن شهدا بالرضاع قبل البناء، بل وإن لم يحصل موت أحدهما فيغرمان لها نصف الصداق حيث فسخ قبله؛ لأن من حجتها أن تقول فوتُّما عَلَيَّ بشهادتكما مع (?) رجوعكما قبل البناء نصف الصداق لو طلقني قبله فلها نصف الصداق. اهـ كلام عبد الباقي. ونحوه لغير واحد. ولما ذكر أن الشاهد إذا رجع وحده عن جميع الحق غرم نصف الحق، ذَكَرَ ما إذا رجع عن بعضه فقال: وعن بعضه غرم نصف البعض يعني أن الشاهد إذا رجع عن جميع الحق فإنه يغرم نصفه، وأما إن رجع عن بعضه فإنه يغرم نصف ذلك البعض، فعن النصف يغرم الربع وعن الثلث يغرم السدس وعن الربع يغرم الثمن، وعلى ذلك القياس. قاله الشبراخيتي وغيره. وقال ابن مرزوق: ابن يونس من كتابي ابن المواز وابن سحنون عن ابن القاسم وغيره في شاهدين قُضِي بشهادتهما في حق ثم رجع أحدهما: فإنه يغرم نصف الحق، ولو رجع عن نصف ما شهد به غرم الربع، ولو رجعا معا عن الحق أو عن بعضه غرما ما رجعا عنه بالسوية، ولو اختلف في رجوعهما غرم كل نصف ما رجع عنه لأنه هو الذي أتلف. اهـ.

وإن رجع من يستقل الحكم بعدمه فلا غرم يعني أنه إذا رجع بعد الحكم بعض الشهود وبقي على الشهادة غيره فإنه رجوعه كالعدم؛ أي فلا يؤثر رجوعه غرما عليه هذا إذا بقي على الشهادة من يستقل به الحكم لأن الراجع لما كان الباقي على الشهادة يتم به الحكم؛ والراجع يستقل الحكم؛ أي يتم لو لم يشهد أصلا كان رجوعه كلا رجوع لتمام الحكم بدونه، والله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015