هذا مفسرا للمص: يعني أن الحاكم إذا علم بأن الشهود الذين عنده شهدوا بالجور والزور وحكم بشهادتهم، فإنه يقتص منه، وظاهره سواء باشر القتل أولا وهو كذلك كما هو ظاهر المدونة، وحملها بعضهم على ذلك، وكذلك يقتص من ولي الدم حيث علم بكذبهم وتعمده، وإن علم القاضي والولي بالكذب اقتص منهما، وذكره الزرقاني على سبيل البحث بلفظ ينبغي، واعترضه بعض الشراح بأن المسألة مذكورة في ابن غازي. انتهى.
وإن رجعا عن طلاق فلا غرم يعني أنه لو شهد شاهدان على شخص بأنه طلق زوجته فحكم بذلك ثم رجعا عن شهادتهما، فإنه لا غرامة عليهما للزوج لأنهما لم يفوتا عليه إلا الاستمتاع وهو لا قيمة له. كعفو القصاص يعني أنهما إذا شهدا على ولي الدم أنه عفا عن القاتل فحكم الحاكم بذلك، ثم رجعا عن تلك الشهادة فإنهما لا يغرمان لولي الدم شيئا، لأنهما لم يتلفا عليه شيئا؛ إذ ليس له على قول ابن القاسم إلا القتل أو العفو، وكلاهما لا قيمة له، وأما على قول أشهب أن له مع ذلك إلزامَ القاتل الديةَ فإن الولي يرجع عليهما بها. قاله ابن مرزوق. وقال عبد الباقي: وإن رجعا عن طلاق شهدا به على زوج فلا غرم عليهما لأنهما لم يتلفا عليه بشهادتهما مالا، وإنما فوتاه البضع وهو لا قيمة له، وشبه بقوله: "فلا غرم" قوله: "كعفو القصاص"؛ أي إذا شهدا بأن ولي الدم عفا عن القاتل فحكم به وسقط القصاص ثم رجعا عن شهادتهما بالعفو فلا غرم عليهما؛ لأنهما لم يفوتاه متمولا وإنما فوتاه استحقاق الدم، وهو لا قيمة له ويؤدبان ويجلد القاتل مائة ويحبس سنة. اهـ. وقوله: "كعفو القصاص" التشبيه لإفادة الحكم لا للاستدلال. قاله التتائي وقال الشبراخيتي: قال الشارح: ويجلد القاتل مائة ويحبس سنة ويؤدب الشاهدان. اهـ. وسيقول المص: "وعليه مطلقا جلد مائة ثم حبس سنة" وهو يفيد أن على القاتل ذلك، وإن استمر الشاهدان بالعفو على شهادتهما. انتهى. إن دخل شرط في قوله: "فلا غرم" يعني أن محل عدم الغرم على الشاهدين بالطلاق الراجعين عن شهادتهما به إنما هو حيث دخل الزوج بالمرأة المشهود بطلاقها، وإلا بأن لم يدخل بها فعليهما نصف من الصداق يغرمانه للزوج عند ابن القاسم. قاله عبد الباقي. وقال الحطاب: يعني وإن رجع الشاهدان بالطلاق عن شهادتهما وكانت المرأة غير مدخول بها فعليهما نصف الصداق، قال ابن عبد السلام والمص: نص في المدونة على