منهما ندما، وإنما المعول عليه من رجوعهما هو الأول لأنه إقرار بإتلاف، والثاني كتعقب الإقرار بالرافع فلا يقبل.

وإن علم الحاكم بكذبهم وحكم فالقصاص يعني أنه إذا شُهِدَ على رجل بما يوجب قتله أو عقوبته دون القتل والشهود كاذبون، فحكم الحاكم بقتله فقتل والحاكم يعلم أنهم كاذبون في شهادتهم، فإنه يقتص منه وليس هو كالشهود في قول ابن القاسم: إن تعمدوا الكذب فإنما عليهم الدية، كما قدمه المص بقوله: "ولو تعمدا" لأن الشهود لم يباشروا القتل ولا أمروا به، وإنما هم متسببون والحاكم تولى القتل بنفسه أو أمر به، قال في المدونة: وإن أقر القاضي أنه رجم أو قطع الأيدي أو جَلَدَ تعمدا لِلْجَورِ أقيد منه. اهـ. وظاهر هذا العموم سواء فعل هذا استنادا للشهادة التي علم كذبها قبل الحكم وهي مسألة المص، أو فعله من غير استناد إليها إذ كل ذلك جور، وظاهره أيضا وإن لم يباشر ذلك لأنه منفذه وهو ممن تجب طاعته، بخلاف الشهود فإن غيرهم هو المنفذ، وأخذ من قوله: أقيد منه، وقد ذكر الجلد أن في ضرب السوط القود كما نص عليه في غير هذا المكان، وروي عن مالك أنه لا قود فيه. انتهى. انظر ابن مرزوق. وقال الشبراخيتي: وإن علم الحاكم يشمل المحكم في الجرح كالقتل لأنه يمضي حكمه، وقول المدونة القاضي فرض مسألة. انتهى.

وقال عبد الباقي: وإن علم الحاكم بكذبهم أي الشهود أو بقادح من القوادح في شهادتهم وحكم بما شهدوا به من رجم أو قطع يد أو رجل أو جلد تعمدا للجور، وأولى إن باشر ذلك أو علم به وثبت علمه بإقراره لا ببينة تشهد عليه بعلمه، فلا يقتص منه على ما استظهره الأجهوري أي لفسقهم بكتمهم الشهادة قبل الاستيفاء. انتهى. قوله: أو بقادح من القوادح، مثله في الخرشي والشبراخيتي، وليس بصواب إذ لا قصاص في هذه، وإنما عليه الدية في ماله، وقد جزم بذلك الخرشي وعبد الباقي عند قول المص في باب القضاء: "وغرم شهود علموا وإلا فعلى عاقلة الإمام". انظر البناني. والله تعالى أعلم. وفي الخرشي: وليس على الشهود غرم حيث اقتص من الحاكم أو الولي كما هو الظاهر، ولا شيء على من باشر القتل لأنه مأمور من جهة الشرع. اهـ. وقال قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015