بأمر مجيبا، أي إذا استكملت الشروط المذكورة فقد صحت الدعوى، فأمر الخصم الآخر أن يجيب الخصم الذي ابتدأه بالكلام وهو المدعي، فقوله: فأمر، جواب فإن صحت الدعوى، وقوله: وأبطلا إذا اختل شرط، أي إذا اختل شرط واحد من هذه الشروط المذكورة فأبطل الدعوى ولا تأمر الخصم الآخر بالجواب، وأحرى لو بطل أكثر من واحد، وهذا هو مفهوم قوله: فإن صحت الدعوى فأمر مجيبا، وقوله: ذا المجيب، مبتدأ وصفة، وخبره مَن، وجملة يرى حال مِن من الواقعة على المدعى عليه، وباء بالعرف للمصاحبة تتعلق بيرى، ونائب يرى ضمير يعود على من، والمراد يرى قوله مصاحبا للعرف أو للأصل، فأحدهما كاف، وما تأصل عطف على بالعرف، وما مصدرية. والله سبحانه أعلم. ثم قال الزقاق:
وذا بعد الاستعداء من مدع وقيـ .... ـــــــــل إدلاؤه كافٍ ومقصوده جلا
أي أمرُ القاضي للمدعى عليه بالجواب إنما هو بعد الاستعداء من المدعي، أي بعد طلب المدعي للقاضي أن يأمر المدعى عليه بالجواب، وقيل: لا يحتاج إلى ذلك بل يأمره بالجواب من غير طلب المدعي له بذلك، لأن إدلاءه أي ذكره لدعواه وظهور مقصوده كاف في طلب الجواب، والقول بأن يأمر من غير استعداء المدعي هو ظاهر مذاهب العلماء. قاله المازري. ثم قال الزقاق:
ببعت ونحوٍ يُكتفَى ممَّن ادعى ... وإلا فسل عن موجِبٍ جارٍ انجلى
يعني أن المدعي لا بد له من ذكر الموجب أي السبب الذي ترتب منه الحق الذي يدعيه، ويكتفى من المدعي بقوله ترتب لي عليه كذا من بيع أو قرض أو نكاح، ولا يكلف بأكثر من ذلك بأن يذكر ما يقتضي صحة المعاملة، وإلا أي وإن لم يذكر المدعي السبب فاسأله أيها القاضي عن الموجب الذي جرى بينهما وانجلى. ثم قال الزقاق:
فإن بان إقرار المجيب فنفذن ... وإن يبتغ الإشهاد ذو الحق فاقبلا