قال الإمام الحطاب: وانظر إذا كان المسجد واسعا وأذن في بعض جهاته، ثم أراد أن يؤذن في جهة أخرى لإعلام أهل الجهة، هل يجوز ذلك أم لا؟ الظاهر: الجواز. والله أعلم. انتهى. وقال في النوادر: قال أشهب فيمن أذن لقوم وصلى معهم، فلا يؤذن لآخرين ويقيم، فإن فعل ولم يعيدوا حتى صلوا أجزأهم. انتهى. قاله الحطاب. اللخمي: أجاز مالك في سماع أشهب لمن أذن في مسجده أن يؤذن في غيره، ثم ليرجع (?) إلى مسجده فيصلي فيه. انتهى.

وقال ابن عرفة: وروى ابن وهب جواز من أذن بموضع، ولم يصل في آخر. قاله الحطاب.

وعلم مما قررت أن قوله: "أو معيد لصلاته كأذانه"، المراد به كل من برئت ذمته من الصلاة، وأراد إعادتها لفضل الجماعة أو لغير ذلك من وجوه الإعادة المندوبة. ولفظ الشبراخيتي: كل من برئت ذمته من صلاته يكره له أن يؤذن لها ويقيم، وسواء أراد إعادتها أم لا. انتهى. وعلم من كلامهم أن من لم تبرأ ذمته بأن أعاد الصلاة لبطلانها الخ، لم تكره إقامته لها، ولا أذانه. كما نص عليه الشيخ عبد الباقي.

وتسن إقامة يعني أن الإقامة سنة وهي سنة عين لبالغ يصلي منفردا، أو إماما لنساء فقط، وسنة كفاية لجماعة الذكور البالغين، أو معهم نساء في حق الإمام والذكور. والأفضل إقامة المؤذن دون الإمام والناس، ومن أقام بعد إقامته فقد خالف السنة. وندب لمقيم طهارة، واستقبال، ومن سنن الصلاة القيام للإقامة. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وفي الشيخ كريم الدين: عن ابن عرفة أن الوضوء شرط فيها بخلاف الأذان، قال: وكأن وجهه أن اتصالها بالصلاة صيرها كالجزء منها، ولأنها أوكد، بدليل أن المفرد تسن في حقه دون الأذان ويوافقه قولها: لا بأس أن يؤذن غير متوضئ، ولا يقيم إلا متوضئا. انتهى. وما تقدم من ندب الطهارة لها، وأنها ليست بشرط لها، هو الموافق لما ذكروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه تذكر الجنابة بعد الإقامة، ودخل بيته واغتسل، ثم رجع ولم يعد الإقامة (?))). كما في الصحيحين. وما ذلك إلا لسرعة الأمر. ونقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015