وسيأتي هذا مع زيادة في فصل الجمعة عند قول المصنف: أو جالس عند الأذان وفي الطراز: ويجوز الكلام والمؤذن يؤذن، وقد كانت الصحابة تفعله.
التاسع: إذا قلنا يحكيه في النافلة أو فيها وفي الفريضة فإنما يحكيه إلى التشهدين، ولو قلنا إن الحكاية في غير الصلاة إلى آخر الأذان. قاله الإمام الحطاب. وقد مر أن هذا القول إن فرعنا عليه تبدل الحيعلة بالحوقلة، فيتفق القولان هنا على أنَّه لا يجاوز الشهادتين ولو أبدل الحيعلة بالحوقلة. أشار له الإمام الحطاب. وقد مر الخلاف في بطلان صلاة من لم يبدل الحيعلة بالحوقلة. قال الإمام الحطاب بعد جلب نقول: إن العامد؛ أي لقول حي على الصلاة تبطل صلاته بلا خلاف، وأن الخلاف في الجاهل، المشهور أنَّه كالعامد.
وأذان فذ إن سافر يعني أن الفذ المسافر والجماعة المسافرين الذين لم يطلبوا غيرهم، يندب له ولهم الأذان. والمراد بالسفر: السفر اللغوي، فيشمل من في غنمه أو في رعي أو حراسة، أو ذهب لحاجة فأدركه الوقت في البادية، وكذا من كان في فلاة من فذ أو جماعة لم تطلب غيرها. وعبارة الأمير: وندب لفذ ولجماعة غير طالبة إن كانا بفلاة؛ وهو معنى السفر في الأصل. انتهى. والأصل في ذلك ما رواه إمامنا مالك في الموطإ من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبي سعيد الخدري أنَّه قال له: (إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنَّه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (?)). قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ، وروي في الموطإ أيضًا عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب أنَّه كان يقول: (من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإن أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى ورآه من الملائكة أمثال الجبال (?))، وقوله: في الحديث الأوّل: إني أراك تحب الغنم والبادية، هو من قول أبي سعيد للراوي عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي سعيد الخدري، وقوله: مدى صوت المؤذن بفتح الميم مقصور