الثاني: اعلم أن النية معتبرة في الأذان لخبر: (إنما الأعمال بالنيات (?))، فلو بدأ في ذكر الله بالتكبير، تم بدا له أن يؤذن، ابتدأ التكبير، ولا يبني على التكبير الأوّل، ولم يقل أحد إنه يبني على تكبيره الذي لم يقصد به الأذان. قاله في الطراز. والظاهر أن مراده نية الفعل لا نية التقرب، وإن كان خلاف ما في الحطاب عن الذخيرة. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

الثالث: قول المصنف لجماعة مقتضاه أن الفذ لا يسن في حقه الأذان ولو طلب غيره، وبذلك صرح السوداني، فقال: قوله: "لجماعة" لا منفرد ولو طلب غيره، ولا جماعة لم تطلب غيرها للصلاة معها كأهل المدارس والرباط. وفي الرسالة: والأذان واجب في المساجد، قال الشاذلي: ظاهره سواء كانت جماعة أو غير جماعة. انتهى. قال مقيده: وهو مخالف لما هنا. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ ميارة: قولهم للجماعة مخرج للمنفرد، فلا يسن في حقه الأذان، إلا إذا سافر أو كان بفلاة لخبر: (إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنَّه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن إلا شهد له يوم القيامة (?))، قاله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد، قال أبو سعيد الخدري سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. وفي الموطإ عن سعيد بن المسيّب أنَّه كان يقول: (من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك، وصلَّى عن شماله، ملك فإذا أذن وأقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال (?))، انتهى. نقله الرماصي. وأما المصلي في منزلة وحده فلا يستحب له لأنه ورد في المسافر، ومن في البادية دون الرجل المنفرد في منزلة. قاله في النوادر. نقله الرماصي.

الرابع: ما تقدم من أن الفائتة لا يؤذن لها هو المشهور، قال ابن ناجي في شرح المدونة: اختلف هل يؤذن للفوائت على ثلاثة أقوال؟ فقيل: لا يؤذن لها، قاله أشهب. وهو نقل الأكثر وبه الفتوى عندنا بإفريقية، قال في شرح الرسالة: وقيل: يؤذن لأولى الفوائت. حكاه الأبهري رواية عن المذهب، واختار إن رجي اجتماع الناس لها أذن، وإلا فلا. وكلاهما حكاه عياض في الإكمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015