الرابع: إذا اشترى جبنا أو لحما بالوزن على أن على البائع أن يقلي ذلك، فقال ابن الحاج: إن في ذلك وجوها من المنع، منها أنه اشترى منه الدهن الذي يُقلَى به وهو مجهول، وأنه اشترى منة ما يوقد به تحته وهو مجهول كذلك، وأنه لا يعلم وزنه بعد القلي، وأنه لا يعلم أجرة قليه، وهذان الأخيران لا يضر جهلهما كما يظهر ذلك مما تقدم، وأما الأولان فالمنع فيهما ظاهر. اهـ. قاله الحطاب.
الخامس: إذا هلك المبيع قبل أن يعمل العمل المستأجر عليه فيه، فقال في الرسم المتقدم: لا ضمان على البائع ويحط عن المشتري بقدر الخياطة والطحن من الثمن، إلا أن يكون البائع ممن يعمل تلك الصناعات بنفسه فيسلك فيه مسلك الصناع في الضمان، فيكون عليه قيمة الثوب يوم البيع وهو الصحيح، وقيك: يوم ذهب، ويقوم غير معمول ويفض الثمن الذي وقع به البيع على الثوب والعمل، فيكون للبائع منه ما ناب الثوب، فإن كان له فضل على القيمة أخذه. وإن كان عليه أداه، وإن قامت على الضياع بينة سقط عنه الضمان، وفض الثمن أيضا على الثوب والعمل، فلا يكون للبائع منه إلا ما ناب الثوب. انتهى. وقال عن أبي الحسن بعد جلب كلام ما نصه: وفهم من هذا أنه لو ضاع بعد العمل لم يحط عن المشتري شيء من الثمن ويفصل فيه بين أن يكون البائع هو الصانع أو غيره كما تقدم. اهـ. ولو اختلفا في الضياع هل هو قبل العمل أو بعده لم أر فيه نصا والظاهر أن القول قول المشتري، وعلم مما مر أن البيع والإجارة يجوز اجتماعهما ولو كان البائع لا يتولى العمل المستأجر عليه بنفسه. والله أعلم. وهذه التفريعات كلها إنما هي على المشهور من جواز اجتماعهما، وقد حكى اللخمي عن القاضي قولا بالمنع. والله أعلم. قاله الحطاب.
السادس: المبيع والكراء كالبيع والإجارة يجوز جمعهما في عقد واحد، صرح به في المدونة. قاله الحطاب. السابع: قال في المدونة: وإن دفعت إلى جارك غزلك لينسج لك ثوبا بعشرة دراهم على أن يسلفك فيه رطلا من غزله لم يجز لأنه سلف وإجارة. انتهى.
وكجلد لسلاخ، معطوف على قوله: كمع جعل؛ يعني أنه لا يجوز لشخص أن يستأجر شخصا على سلخ شاة مثلا بجلدها أو وهو مع غيره، وهي إجارة فاسدة، ولا فرق بين كون الشاة مذبوحة