وروايته عن مالك وهو الصحيح إن كان ذلك فيما يعرف وجه خروجه كبيعه ثوبا على أن على البائع خياطته، أو قمحا على أن على البائع طحنه، أو فيما لا يعرف وجه خروجه ولكن يمكن إعادته للعمل، كبيعه صفرا علي أن يعمل للبائع منه قدحا، وما أشبه ذلك فذلك جائز؛ وأما ما لا يعرف وجه خروجه ولا يمكن إعادته للعمل كبيعه غزلا على أن على البائع نسجه، أو الزيتون على أن على البائع عصره، أو الزرع على أن على البائع حصاده ودرسه، وما أشبه ذلك فلا يجوز اتفاقا. اهـ. قوله: كبيعه ثوبا على أن على البائع خياطته أو قمحا على أن على البائع طحنه، قال أبو الحسن: فإن هلك الثوب أو القمح قبل خياطته أو قبل طحنه سقط عن المشتري قدر الأجرة وكان ضمان الباقي منه، وهذا إذا كان غير البائع يتولى ذلك العمل كله، وإن كان البائع هو الذي يتولى عمله ضمنه لأنه صانع. انتهى.
تنبيهات: الأول: قال الحطاب: زاد اللخمي فيما لا يعرف وجه خروجه ويمكن إعادته إلا أن يكون اشترى جملة ما يعمل منه فلا يجوز؛ لأنه كلما أعيد نقص منه؛ فلا يقدر أن يعمل منه إلا دون الأول، كالفضة على أن علي البائع صياغتها، والصفر على أن يعمل منه أقداحا، وما أشبه ذلك. الثاني: من البيع والإجارة أن يدفع الإنسان ثوبه لمن يرقعه له أو نعله لمن يشركها، فلا يجوز ذلك حتى يريه الجلد والرقعة؛ لأن ذلك مبيع فلا بد من رؤيته أو ما يقوم مقام الرؤية من الصفة في الشيء الغائب الذي يتعذر الوصول إليه حالة العقد، هذا إذا كان عند الصانع الجلود والرقاع، فإن لم يكن عنده انضاف إلى ذلك بيع ما ليس عنده على غير أجل السلم، إلا أن يكون لا يعدم ذلك فلا يحتاج إلى طول الأجل، ويكفي الوصف التام كما في سائر السلم، ولا يكتفى بالوصف إلا إذا كان ما يريد أن يعمل منه غير موجود عنده حين العقد ولا يتعذر عليه غالبا لكونه لا يعدمه ويكثر عنده. قاله القباب.
الثالث: اعلم أن صورة المسألة أن يشتري منه المبيع بكذا على أن يعمل له فيه كذا، أو يعمل له في غيره، وأما لو اشترى المبيع على حدة ثم استأجره بأجرة أخرى فليس من هذا الباب؛ لأن المراد أن يجتمعا في عقد واحد وذلك واضح. اهـ. قاله الحطاب.