فمثل هذا إذا قارضه لم ينقله من عمل إلى خلافه، ولو كان إنما استأجره لعمل بعينه مثل البناء والقصارة فنقله إلى التجارة لدخله فسخ الدين في الدين كما قال سحنون. انتهى. وقال البناني: قيد ابن يونس الأجير بأن يكون استؤجر في عمل التجارة بشيء معلوم مدة معلومة وإلا لم يجز كالبَنَاء والنّجّار، وظاهر المدونة إطلاق الأجير وقال ابن عرفة في جواز مقارضة أجيره مطلقا ومنعه: ثالثها يكره، ورابعها بشرط بقائه على عمله، وخامسها إن كان أجير تجر وإلا لم يجز، والقول الخامس ليحيى بن عمر وهو الذي قيد به ابن يونس المدونة، والقول الرابع عزاه عياض لبعضهم وهو الذي صوبه ابن عرفة وعليه تأولها القرافي في التقريب وبه قرر الخرشي كلام المص، تبعا لقول الأجهوري: إنه المذهب. والله أعلم. انتهى. وقوله: وخامسها إن كان أجير تجر وإلا لم يجز أي لأن التجر من جملته عمل القراض فلا ينافيه، فيمكن أن يجتمعا في وقت واحد. قاله مقيده عفا الله تعالى عنه.
ودفع مالين يعني أنه يجوز للشخص أن يدفع مالين معا لعامل واحد يعمل فيهما قراضا إن شرطا الخلط؛ أي دخلا على أن العامل يخلطهما في البيع ويكون ثمنهما واحدا، مثال ذلك أن يدفع له مائة من المذهب على النصف ومائة من الفضة على النصف، فلذا أطلق عليهما مالين. قاله عبد الباقي. ويشمل أيضا ما إذا دفع له مائة دينار على النصف مثلا ومائة دينار على النصف، ويشمل أيضا ما إذا دفع له ذلك باختلاف الجزء كالثلث في واحدة والنصف في واحدة. أو متعاقبين عطف على مقدر بعد قوله: "مالين" أي دفع مالين معا أو متعاقبين أي واحدًا بعد واحد؛ يعني أنه يجوز للشخص أن يدفع لشخص قراضا ثم يدفع له مالا آخر قراضا، قبل شغل الأول أي يجوز ذلك إن دفع المال الثاني قبل شغل المال الأول أي قبل شغل العامل فيه، ويجوز ما ذكر في المسألتين إن كان القراضان الأول والثاني بجزءين متفقين كالنصف والنصف أو الثلث والثلث، بل وإن كانا جزءين مختلفين كنصف في الأول وثلث في الثاني وهو راجع للمسألتين وهما دفع المالين معا ودفعهما متعاقبين.
وقوله: إن شرطا خلطا قرره الشارح على أنه شرط في المختلفين، وأما إن كانا بجزءين متفقين كنصف ونصف فيجوز وإن لم يشترطا الخلط بأن سكتا أو شرطا التجر بكل واحد على حدته وهو