منصب على الأب كما أفاده كلام الحطاب، وقوله: "مجهول" معمول لمقدر كما قرره الزرقاني، ويؤخذ منه أن غير مجهوله لا يصح استلحاقه بمفهوم الصفة؛ لأنه صفة لمحذوف أي شخصا مجهول النسب، فاستفيد من كلام المص بالحصر والصفة أن الاستلحاق خاص بالأب فيمن جهل نسبه، واعتبار المص مفهوم الصفة أمر مسلم كما قرره في أول الكتاب. فتأمله فإنه حسن بسن. والله أعلم. انتهى.

الثاني: قال البناني في المواق: روى ابن القاسم عن مالك أنه قال: الاستحسان تسعة أعشار العلم، وهذا الباب أكثره محمول على ذلك. انتهى.

قلت: قال ابن رشد في سماع أصبغ من كتاب الاستبراء: الاستحسان الذي يكثر استعماله حتى يكون أغلب من القياس هو أن يكون طرد القياس يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه فيعدل عنه في بعض المواضع لمعنى يؤثر في الحكم فيختص به ذلك الموضع والحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام، ومن الاستحسان مراعاة الخلاف وهو أصل في المذهب، من ذلك قولهم في النكاح المختلف في فساده: إنه يفسخ بطلاق وفيه الميراث، وهذا المعنى أكثر من أن يحصى، وأما العدول عن مقتضى القياس في موضع من المواضع استحسانا لمعنى لا تأثير له في الحكم فهو مما لا يجوز بالإجماع؛ لأنه من الحكم بالهوى المحرم بنص التنزيل، قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}. الآية. انتهى باختصار. انتهى كلام البناني.

الثالث: قال البناني عند قوله "إنما يستلحق الأب" ما نصه: أي لا الأم اتفاقا ولا الجد على المشهور، وقال أشهب: يستلحق الجد وتأوله بما إذا قال أبو هذا ابني، فإن قال ابن ولدي لم يصدق، قال: والأصل في هذه أن الرجل إنما يصدق في إلحاق ولد بفراشه لا في إلحاقه بفراش غيره، وهذا مما لا ينبغي أن يختلف فيه. انتهى. واعلم أنه لا يشترط في الاستلحاق أن يعلم تقدم ملك أمَّ هذا الولد أو نكاحها لهذا المستلحق على المشهور، وظاهر المدونة: وقال سحنون: يشترط ذلك. ابن عبد السلام: وهو قول لابن القاسم والأظهر الأول لأنهم اعتبروا في هذا الباب الإمكان وحده ما لم يقم دليل على كذب المقر. انظر الحطاب. انتهى كلام البناني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015