باب في الاستلحاق ولم يعرفه المؤلف وعرفه ابن عرفة بقوله: وهو ادعاء مدع أنه أب لغيره فيخرج قوله: هذا أبي وهذا أبو فلان، فقوله: وهو ادعاء مدع جنس يشمل ادعاء الأجنبي والجد والأم، وقوله: أنه أب أخرج به من ذكر لأن ذلك خاص بالأب، وقوله: فيخرج لخ لأنه ليس بادعاء لأن الادعاء إنما يكون فيما جهلت الدعوى فيه، قاله الخرشي. وقال البناني: ولا يقال في حد ابن عرفة الاستلحاق طلب لحوق الشيء والادعاء إخبار بقول يحتاج لدليل، فكيف يصح تفسيره بما ذكر لأنه يقال ذلك أصله في اللغة، وما ذكره ابن عرفة هو الذي غلب في عرف الفقهاء. قاله الرصاع.
إنما يستلحق الأب يعني أن الذي له الاستلحاق إنما هو الأب لا الأم اتفاقا ولا الجد على المشهور ولا غيرهما من الأقارب، ولولا أن الشرع خصه بالأب لكانت الأم أولى لاشتراكهما في الماء واختصاصها بالحمل والرضاع. وقوله: مجهوك النسب منصوب بفعل مقدر أي ويستلحق مجهول النسب؛ يعني أن الذي يستلحقه الأب إنما هو مجهول النسب ولو كذبته أمه لا معلومه فيحد حد القذف ولا مقطوعه كولد الزنى الثابت أنه ولد زنى؛ لأن الشرع قطع نسبه عن الزاني، ويستثنى من قوله: "مجهول النسب" اللقيط فإنه لا يصح استلحاقه إلا ببينة أو وجه كما يأتي في باب اللقطة.
تنبيهات: الأول: قال عبد الباقي: واعترض على المص بأنه إنما حصر الاستلحاق في مجهول الأب ولم يحصر كون المستلحق هو الأب؛ إذ المحصور بإنما كإلا هو المؤخر وأجيب بجعل المؤخر معمولا لمقدر معطوف على "يستلحق" فيتعلق به الحصر أيضا كما قدرنا، أو أن القاعدة أغلبية، وإنما صح استلحاق الأب مجهول النسب لتشوف الشارع للحوق النسب. انتهى. قوله: فيتعلق به الحصر أيضا فيه نظر؛ إذ الحصر خاص بجملة وجدت فيها أداته، والمقدر ليس فيه أداة حصر فلا حصر فيه، وقوله إن القاعدة أغلبية غير صواب؛ لأنهم إنما قالوا في قاعدة تأخير المحصور فيه إنها أغلبية مع ما وإلا لا مع إنما، بل القاعدة مع إنما مطردة كما هو معلوم عند قول ابن مالك: وقد يسبق إن قصد ظهر. قاله البناني. قول البناني: فيه نظر إذ الحصر خاص بجملة وجدت فيها أداته لخ، قال الرهوني: ما قاله كله ظاهر، لكن الجواب الحسن عن المص أن الحصر في كلامه