إلا ببينة أنه بعده يعني أنه إذا ادعى عليه بحق مكتوب في صك أنه صدر التعامل بما ترتب فيه بعد الإبراء لا يقبل منه ذلك حيث لم يأت ببينة كما عرفت، وأما إن أتى ببينة تشهد له على أن الصك صدر التعامل بما فيه بعده أي الإبراء، فإنه تسمع دعواه حينئذ وتقبل، بمعنى أنه يلزم المبرأ بالفتح قضاء ذلك الحق الذي في الصك.

وإن أبرأه مما معه برئ من الأمانة لا الدين يعني أنه إذا قال أبرأت زيدا مثلا مما معه فإنه يبرأ من الأمانات فقط كالودائع والقراض والبضائع، ولا يبرأ من الدين، قال عبد الباقي: وإن أبرأه مما عليه برئ من الدين لا الأمانة إلا أن تكون عنده فقط فيبرأ منها، وإن أبرأه مما عنده برئ من الأمانة والدين عند المازري، ومن الأول فقط عند ابن رشد. اهـ. قوله: وإن أبرأه مما عليه برئ من الدين لا الأمانة، قال الرهوني: هذا على ما لابن سحنون لا على ما لأبيه. انظر الحطاب. اهـ. وقال عبد الباقي عند قوله: "وإن أبرأه مما معه برئ من الأمانة لا الدين". ما نصه: فلا يبرأ منه لأنه عليه لا معه، قال الشارح: ولعل هذا إذا كان العرف كذلك أي عدم تناول مع لما في الذمة دون عندي وعليَّ، وأما إن كان العرف مساواة الدين لغيره فلا، والجاري عندنا الآن أن ليس معي شيء يتناول الدين وغيره. اهـ. ثم قال الشارح: أما إذا لم يكن عنده وديعة ولا غيرها من الأمانات وله عنده دين وقال أبرأت ذمته ممالي معه فلا ينبغي أن يمترى في إسقاط الدين. اهـ قاله ال تتائي.

تنبيهات: الأول: قول المص: وإن أبرأ فلانا مماله قبله أو من كل حق أو أبرأه برئ لخ، قال عبد الباقي: ظاهر قوله: "برئ" ولو أقر المبرأ بالفتح بعد الإبراء الواقع بعد إنكاره وهو ظاهر ما للحطاب وهو خلاف ظاهر قوله في الصلح: "فلو أقر بعده" إلى قوله: "فله نقضه" فإن ظاهره يشمل ما لو حصل إبراء بعد الإنكار وقبل الإقرار به وبه أفتى البرهان وتلميذه الشمس اللقانيان، فيعمل بالإقرار الطارئ على الإبراء بعد الإنكار لأنه بمنزلة إقراره بأنه كان ظالما بإنكاره أو بمنزلة إقرار جديد، فيقيد ما هنا بما لم يقر المبرأ بعد الإبراء، فيوافق ما في الصلح وفتوى اللقانيين وظاهر المص براءته في الآخرة أيضا وهو كذلك على أحد قولين حكاهما القرطبي على مسلم، والآخر لا يسقط عنه مطالبة الله. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015