قاله البساطي، وإنما أتى بقوله: ومن القذف لخ لدفع توهم أن البراءة لا تكون إلا في الحقوق المالية فنبه على أنها تكون في الحقوق البدنية، وقولي: من حد السرقة صحيح، قال الشبراخيتي: لا يجوز للإمام العفو عن حد السرقة والزنى والشرب حيث بلغه ولا يجوز لأحد الشفاعة لأنها حقوق الله تعالى ولو تاب الفاعل وحسنت حالته، وأما قبل بلوغ الإمام فتجوز الشفاعة فيما قاله ال تتائي، قوله: وأما قبل بلوغ الإمام لخ ظاهره سواء كان معروفا بالفساد أم لا، ولكنه فصل في المدونة في حد السرقة خاصة بين المعروف بالفساد فلا تجوز الشفاعة فيه وبين غيره فتجوز. اهـ.

وفي الموطإ: وتجوز الشفاعة للسارق ما لم يبلغ الإمام، ففي الموطإ ما نصه: مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلا قد أخذ سارقا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله، فقال: لا حتى أبلغ به إلى السلطان، فقال الزبير: إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع. انتهى. وفي الخرشي هنا وعبد الباقي: برئ من المال المسروق وأما حدها فلله. هذا لفظ عبد الباقي. وعبارة الخرشي: وأما حد السرقة فهو حق لله لا يجوز لأحد أن يسقطه مطلقا، ونحوه للشارح ولم يتعقبه البناني ولا الرهوني. والله تعالى أعلم.

فلا تقبل دعواه وإن بصك مفرع على ما قبله أي وإذا برئ من عليه الحق بصيغة من الصيغ المتقدمة، ثم قام صاحب الحق وادعى على من أبرأه بحق فإنه لا تقبل دعواه عليه بنسيان أو جهل أو أنه أراد بعض متعلقات الإبراء، ولو أتى بصك أي كاغد مكتوب فيه الحق الذي ادعاه. وقوله: "فلا تقبل دعواه" لخ أي قبولا يلزم المبرأ بالفتح الحق بمجردها، وأما اليمين لرد هذه الدعوى فقال عبد الباقي: وإذا أبرأه بصيغة من الثلاث فلا يقبل دعواه بنسيان أو جهل، أو أن الإبراء إنما كان مما فيه الخصومة فقط وإن بصك علم تقدمه على البراءة أو جهل ولم يحقق الطالب شيئا أو حقق أنه بعدها حيث لا خلطة بينهما بعدها، ولا يمين عليه في هذه الثالثة لعدم توجهها في دعوى التحقيق حيث لا خلطة على المذهب، ويحلف في الثانية لأن توجهها في دعوى الاتهام قوي فلا يراعى فيه خلطة على المعتمد، ولا يمين في الأولى اتفاقا كما يفيده ابن رشد، فإن حقق في الثالثة أنه بعدها وبينهما خلطة توجهت الدعوى وقبلت لتوجه اليمين على المطلوب حينئذ على ما تجب به الفتوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015