وبين ولده تفاقم، وتفصيل ابن رشد مخالف لها في هذه الأمور الثلاثة، فكان من حق المص الجري على مذهبها وترك تقسيم ابن رشد لأن بعضه اختيار له وإجراء وقد أطال في المسألة، ونقل كلامه جسوس ونقله التاودي مختصرا وسلماه.
قلت: وفيه نظر من وجوه: أحدها أن ما ذكره من أن إقرار المريض لوارث غير الزوجة لا يصح مطلقا مردود بما قدمناه من نصها في إقراره لعصبته إذا تركهم وبنتا.
ثانيها أنه اغتر بقولها بعد ذكرها إقرار الزوج لزوجته ما نصه: أفغيرها من الورثة بهذه المنزلة؟ قال: لا. انتهى. مع أنه قال فيها بعد ذلك بقريب ما نصه: ولو ترك ابنة وعصبة يرثونه بقرابة أو ولاء فأقر لهم بمال فذلك جائز، ولا يتهم أن يقر للعصبة دون الابنة وأصل هذا قيام التهمة، فإذا لم يتهم لمن يقر له دون من يرث معه جاز إقراره فهذا أصل ذلك. اهـ منها بلفظها. ومثله لابن يونس عنها فهو نص في رد ما زعمه مصطفى ومن تبعه من أنه لا يصح إقرار المريض لبعض الورثة مطلقا، وقولها: وأصل هذا مع قيام التهمة لخ موافق لتفصيل ابن رشد فهو لم يخالف المدونة، بل فهمها على ذلك وقد علمت ما قاله الأئمة فيه من أنه المقدم نقلا وفهما ولو لم يوافقه أحد فكيف مع الموافقة كما هنا؟ فقد قال ابن يونس بعد نقله نص المدونة كما قدمناه ما نصه: قال بعض فقهاء القرويين لا فرق بين إقرار أحد الزوجين لصاحبه وبين إقراره لسائر الورثة، قال: وقد ذكر الاختلاف في كتاب محمد في إقرار الأب في مرضه للولد العاق على البار فأجازه مرة ولم يجزه أخرى ولم يذكر خلافا في إقراره لأحدهم إذا تساووا عنده في الدرجة، وقد اختلف في إقراره لبعض العصبة إذا ترك بنات وعصبة فأجيز لأن الذي يخرجه عن بعض العصبة مثله يخرجه عن بناته فلا يتهم، وقيل لا يجوز، والأنسب أن إقرارا لمريض إنما منع لإيثاره من يقر له، فإذا ظهر أنه لا تهمة عليه فيمن آثره على من بقي جاز إقراره. محمد بن يونس: وهو ظاهر المدونة. لأنه قال: وأصل هذا قيام التهمة فيمن يقر له فهي العمدة في ذلك. اهـ منه بلفظه. وبه تعلم صحة ما قلناه.
ثالثها أنا لو سلمنا ما قاله تسليما جدليا لم يصح اعتراضه على المص؛ لأن العدول عن مذهب المدونة لترجيح الشيوخ غيْرَه معهودٌ في هذا المختصر وغيره، ولأن كلام ابن رشد هذا لا خصوصية للمص باعتماده بل قد اعتمده وتلقاه بالقبول غير واحد من الحفاظ المحققين الفحول، ولذلك سلم