فإن انبهم الأمر بأن دفعه له ولم يصرحوا بشيء فإن كان ذلك بعد سؤال الحميل للدفع فهو اقتضاء، وكذا لو قامت على الاقتضاء قرينة كما لو قال له: خذه وأنا بريء منه سأله أم لا، وأنه لو دفعه له ولم يسأله ولم يقل المدين خذه وأنا بريء منه لكان هذا من حكم الرسالة.
الثاني: قال الحطاب: قد تقدم في كلام الرجراجي أنه لا يجوز للكفيل أن يأخذ الحق على وجه الاقتضاء من الغريم فاعلمه، وقد تقدمت الإشارة إلى بعض عبارة التهذيب فينبغي أن نذكرها بكمالها هنا، قال: وإذا قبض الكفيل الطعام من الغريم بعد الأجل ليؤديه إليك فتلف عنده، فإن أخذه على الاقتضاء ضمنه قامت بهلاكه بينة أو لا، كان مما يغاب عليه أو لا، قضاه ذلك الغريم متبرعا أو باقتضاء من الكفيل بقضاء سلطان أو غيره، وأما إن قبضه الكفيل بمعنى الرسالة لم يضمن. اهـ. قال أبو الحسن: إنما ضمنه إذا أخذه على الاقتضاء لأنه تعد فهو ضمان عداء فلذلك ضمنه ولو قامت البينة.
الثالث: قال الشارح: ونصها -يعني المدونة-: وإذا دفع الغريم الحق إلى الكفيل وضاع، فإن كان على الاقتضاء ضمنه الكفيل قامت بهلاكه بينة أم لا، عينا كان أو عرضا أو حيوانا لأنه متعد، وإن كان على إرساله لم يضمنه وهو من الغريم حتى يصل إلى الطالب. اهـ.
قال عبد الباقي: ولما ذكر أن للكفيل طلب المستحق بتحصيله عند الأجل إن سكت أو أخره وله أن لا يرضى بتأخيره، شرع في جلب كلام البيان حيث قال: وإذا أخر الطالب الغريم فلا يخلو إما أن يكون مليا أو معدما، فإن كان معدما فلا كلام للحميل باتفاق، وإليه أشار بقوله: ولزمه تأخير ربه المعسر يعني أن رب الدين إذا أنظر المدين المعسر أي أخره شهرا مثلا، فإن الضامن يلزمه ذلك التأخير لوجوب إنظار المعسر والتأخير رفق بالحميل، ومعنى لزوم التأخير للضامن أن الضامن إذا قال لرب الدين: تأخيرك للمدين ابراء لي فإنه لا يصدق في ذلك والكفالة لازمة له، فعند حلول الأجل المؤخر إليه يلزمه القضاء مع عسر المدين، قال عبد الباقي: ولزمه أي لزم الضامن تأخير ربه أي الدين المدين المعسر لوجوب إنظاره والتأخير رفق بالحميل. اهـ.
ومفهوم قوله: "المعسر" إذا أخره وهو موسر ففيه تفصيل ذكره ابن رشد، قال غير واحد: قال ابن رشد: وإن كان الغريم موسرا فلا يخلو من ثلاثة أوجه: أن يعلم ويسكت، أو لا يعلم حتى يحل