وأفاد شرط أخذ أيهما شاء يعني أن رب الدين إذا اشترط أنه ياخذ أيهما أي الضامن والمدين شاء، فإن شرطه ذلك يفيده بمعنى أنه يعمل به، فإذا قال أيكما شئت أخذته بحقي فله أن يأخذ الضامن ولو كان الغريم حاضرا موسرا. وقوله: "وأفاد شرط أخذ أيهما شاء" قال ابن رشد: هذا هو المشهور المعلوم من مذهب ابن القاسم في المدونة وغيرها، وبه قال أصبغ ومرة قال ابن القاسم إن الشرط لا يجوز إلا في القبيح المطالبة أو ذي السلطان. اهـ. نقله البناني. وقال الشارح مفسرا للمص: يعني أن الطالب لو شرط أن يأخذ بحقه أيهما شاء فإن ذلك يفيده، قال في البيان والمقدمات، وهو المشهور عن ابن القاسم في المدونة وغيرها، وقيل لا يفيده وهو قول أشهب وابن كنانة وابن الماجشون، والقولان عن مالك وابن القاسم. اهـ. وقال عبد الباقي: وأفاد رب الدين شرط أي اشتراط أخذ أيهما المدين والحميل شاء بحقه، وفائدة هذا الاشتراط بالنسبة إلى الحميل وذلك لأنه لا يطالب بالشرط المتقدم في قوله: ولا يطالب إن حضر الغريم موسرا وهنا يطالب مطلقا، ثم إن اختار أخذ الحميل سقطت تباعته للمدين. اهـ. قوله: ثم إن اختار أخذ الحميل لخ، قال البناني: هكذا نقله الشيخ أحمد عن بعضهم وليس بظاهر. اهـ.
وتقديمه يعني أنه إذا اشترط رب الدين تقديم الحميل على المدين فإن شرطه ذلك يفيده بمعنى أنه يعمل به. قال عبد الباقي: وأفاد شرط تقديمه أي الحميل على المدين سواء اشترط براءة المدين أم لا، وإذا اختار مع عدم البراءة تقديمه فليس له مطالبة المدين إلا عند تعذر الأخذ من الحميل فيطالب المدين ويأخذ منه. اهـ. قوله: وإذا اختار مع عدم البراءة لخ انظر من قاله، وليس بظاهر لأن اشتراط تقديمه حق له. قاله الرهوني. ويرده نقل المواق ويقوي ما لعبد الباقي. وكلام المواق: ابن رشد إن اشترط المتحمل له على الحميل أن حقه عليه وأبرأ الغريم، فظاهر قول ابن القاسم أن الشرط جائز، ولا رجوع له على الغريم، وروى ابن وهب عن مالك أنه لا رجوع له عليه إلا أن يموت الحميل أو يفلس، ويحتمل أن يتأول قول ابن القاسم على أنهما أبرءا الغريم جميعا من الدين فيكون إنما تكلم على غير الوجه الذي تكلم عليه في رواية ابن وهب. اهـ. ويلزم على ما للرهوني اتحاد هذا الفرع مع الفرع الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم. وظهر أن معنى قول عبد الباقي: فإذا اختار مع عدم البراءة اختار ذلك ابتداء. واللَّه أعلم.