القاضي رضي اللَّه عنه: إنما بطلت عن المتحمل بالدينار الحمالة من أجل أن المتحمل له أبرأه منها بما ظن من جواز فسخ الدينار في الشعير إلى أجل فلم يعذر بالجهالة وهو أصل مختلف فيه، فيأتي على القول بأنه يعذر بها إذا كان ممن يمكن أن يجهل، مثل هذا أن يحلف ما أبرأه من حمالة الدينار إلا وهو يظن أن الدينار قد بطل عن المطلوب بالشعير الذي سلمه فيه، وهذا نحو ما حكى ابن حبيب عن أصبغ في الحميل على الغريم إذا أخذ الذي له الحق من الغريم فاستحق ما أخذ. وباللَّه التوفيق. اهـ منه بلفظه.
فقوله: هذا نحو ما حكى ابن حبيب لخ إشارة إلى ما في الرواية، ويعني أن ما في العتبية عن ابن القاسم وما في الواضحة عن أصبغ متفقان في المعنى وإن اختلف موضعهما، فلم يخرج ابن رشد أحدهما على الآخر وإنما فيه تخريج الخلاف في مسألة العتبية من الخلاف في العذر بالجهالة. فتأمله. واللَّه أعلم. انظر الرهوني. وقوله: "وإن برئ الأصل برئ" فاعل برئ الأخيرة ضمير يعود على الضامن. لا عكسه يعني أنه إذا برئ الفرع وهو الضامن لا يلزم من ذلك أن يبرأ المدين.
والحاصل أنه كلما برئ الأصل برئ الضامن، بخلاف العكس فإنه قد يبرأ الضامن ولا يبرأ المضمون وهو المدين، قال عبد الباقي: لا عكسه أي إذا برئ الضامن لا يبرأ الأصل لزوما بل بعض براءة الضامن براءة الأصل، كأخذ الحق منه فإنه براءة للأصل من رب الدين، والمطالبة حينئذ للضامن وبعض براءته غير براءة الأصل كبراءة الضامن من الضمان بانقضاء مدة ضمانه، وعدم أخذ الحق منه كما إذا وهب رب الدين دينه للضامن فإنه لا يبرأ الأصل وهو المدين، قال التتائي: والظاهر افتقاره لحوز فعلى المدين دفعه للحميل. اهـ.
وعجل بموت الضامن يعني أنه إذا مات الضامن والحال أن الدين المضمون مؤجل فإنه يحل بموته ما ضمنه من الدين المؤجل إن ترك مالا، وكذا لو فلس الضامن فإنه يحل بفلسه ما ضمنه من الدين المؤجل فيعجل الحق من تركته في الأولى ويحاص رب الدين الغرماء في الثانية، قال عبد الباقي: وعجل المؤجل المضمون بأحد أمرين: أولهما بموت الضامن أو فلسه من ماله قبل حلول أجل الدين كما يشعر به قوله: "عجل" ويؤخذ من تركته لخراب ذمته وإن كان المضمون حاضرا مليا لعدم حلوله عليه، ومعناه إن شاء الطالب لا أن التعجيل واجب. اهـ. وقوله: