في غير مؤنته راجع لقوله: "وعلى مريض" فهو متعلق "بحجر" وهو تبيين لما يحجر عليه فيه، يعني أن المريض الذي حكم أهل الطب بكثرة الموت فيه ومن في حكمه إنما يحجر عليه في غير مؤنته كنفقة وكسوة، وفي غير تداويه وفي غير معاوضة مالية ولا يحجر عليه في مؤنته ولا فيما يتداوى به؛ لأن بهما قوام بدنه، ولا يحجر عليه في المعاوضة المالية كالبيع والشراء والقراض والمساقاة ونحوها مما فيه تنمية لماله، فإن حابى في المالية فمن الثلث إن توفي من مرضه وإلا صحت وكانت لغير وارث وإلا بطلت إلا أن يجيزها له بقيتهم فعطية منهم تفتقر إلى حوز، وتعتبر المحاباة يوم فعلها لا يوم الحكم وحوالة السوق بعد ذلك بزيادة أو نقص لغو. وقولي: فإن حابى في المالية فمن الثلث إن توفي من مرضه لخ نحوه لعبد الباقي، قال الرهوني: أجمل في هذا لأن قوله فمن الثلث صادق بما إذا حملها الثلث كلها، وحكمها ظاهر كما إذا باع ما يساوي مائة بخمسين وخلف مائة بعد قضاء ديونه ومؤنة تجهيزه غير هذا المبيع، فالمبيع كله للمشتري بالخمسين ولا شيء عليه غيرها وصادق بما إذا زادت على الثلث كما إذا خلف في هذا المثال خمسين فقط وفي ذلك خلاف.
ففي أول مسألة من سماع سحنون من كتاب الشفعة ما نصه: قال سحنون: وسئل ابن القاسم عن الرجل يكون له شقص في دار ليس له غيره قيمته ثلاثون دينارا، فيبيعه من رجل بعشرة دنانير وهو مريض، قال: ينظر في ذلك إذا مات البائغ، فيقال للمشتري: إن أحببت إن لم يجز لك الورثة هذه المحاباة فزد عشرة أخرى وخذ الدار ولا قول للورثة، فإن فعل فللشفيع إن كان له شفيع أن يأخذ الدار بعشرين دينارا، فإن أبى المشتري أن يزيد عشرة دنانير وقد أبت الورثة أن يسلموا الدار إليه كما أوصى الميت قيل لهم أعطوا ثلث الشقص بتلا بلا شيء تأخذونه منه. انظر بقيته فيه. وقال عبد الباقي: ومن غير المالية النكاح والخلع وصلح القصاص فيمنع من ذلك كمنع التبرعات. انتهى.
ورد الرهوني هذا الكلام وأبطله، وقد مر لي أن المريض إن حابى وصح من مرضه أن المحاباة تصح، وَلنَذْكُرْ في ذلك ما تيسر فأقول: اعلم أن المحاباة إما من الصحيح ومثله المريض ثم يصح صحة بينة، وإما من المريض ولم يصح بعد وهي إما لوارثه أو لأجنبي، فإذا كانت من الصحيح