وقوله: والمنقول فيما يتلفه أي المجنون ثلاثة أقوال لخ، هذه الأقوال ذكرها ابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الجنايات الأول في المجنون وفي الصغير غير المميز، ونقلها أبو الحسن في كتاب الديات ونقلها فيهما أيضًا ابن الحاجب وابن عرفة في كتاب الغصب، فالصغير غير المميز مثل المجنون في المال والدم على كل منها، وعلى القول الأول منها وهو أن جنايتهما على الأموال في مالهما وعلى الدماء على عواقلهما إلا أن تكون أقل من الثلث، ففي أموالهما فهما كالمميز في ذلك كما في ابن عرفة، وهذا القول هو الراجح لقول المص في التوضيح تبعا لابن عبد السلام: والقول الأول أظهر لأن الضمان من باب خطاب الوضع الذي لا يشترط فيه التكليف. انتهى. زاد ابن عبد السلام: وكذلك لا يشترط التمييز. قال اللقاني: وهو مقتضى ما اقتصر عليه ابن الحاجب في باب القصاص، بقوله: فلا قصاص على صبي ولا مجنون بخلاف السكران وعمدهما كالخطإ، فلذلك تجب الدية على العاقلة مطلقًا إن بلغت الثلث، وإلا ففي ماله أو ذمته. اهـ. أي وإن لم تبلغ الثلث ففي مال الجاني أو ذمته من صبي أو مجنون كما شرحه ابن عبد السلام، قال اللقاني: فإن ظاهره أي ابن الحاجب إنه لا فرق بين المجنون وغيره كما قاله التوضيح هناك، قال الشيخ المسناوي: وعليه فالذمة ثابتة للجميع فلا يشترط لها التمييز فضلا عن التكليف. اهـ. ويَرُجْحَانِ هذا القول يظهر لك أن قول المص: "وضمن ما أفسد" لخ يشمل المميز وغير المميز والمجنون. واللَّه أعلم. اهـ قاله البناني.
تتمة اعلم أن الشيخ أبا علي رجح عدم ضمان غير المميز، فإنه قال: والحاصل أن الراجح هو عدم ضمان غير المميز مطلقًا في الأموال وغيرها وأن فعله كلا فعلٍ أصلا. انتهى ورده الرهوني، وقال: إن الصواب ما رجحه البناني تبعا للشيخ السناوي لما تقدم من كلام ابن عرفة السابق، فإنه جزم بأن من سنه فوق شهر يضمن، وبما تقدم عن التوضيح والمواق بأن من زاد سنه على ستة أشهر يضمن. انتهى المراد منه.
واعلم أن ابن شهر لا يضمن، وأما ابن ستة أشهر فقد اختلف في ضمانه والراجح أنه لا يضمن، ففي التوضيح: قال ابن القاسم: فإن أفسد شيئًا فإن كان ابن ستة أشهر ونحوها لا ينزجر فلا