وقصاص يعني أن الجاني جناية فيها القصاص إذا صولح بمال يدفعه عن القصاص الذي ترتب عليه، ففلس الجاني قبل أن يدفع المال لأهله فإنه يتعين لمن له القصاص المحاصة، ولا يرجع للقصاص لعدم إمكان الرجوع في القصاص شرعا لفواته بالعفو. قال عبد الباقي: وقصاص صولح فيه بمال ثم فلس الجاني لتعذر الرجوع شرعا في القصاص بعد العفو، قال في توضيحه: وينبغي أن يلحق بذلك صلح الإنكار إذا فلس المنكر، فإن المدعي يحاص بما صولح به ولا يرجع في الدعوى. انتهى. واعترض ابن عرفة هذا الشرط -يعني شرط الإمكان- بأن الكلام في الرجوع في عين ماله لا في عين العوض والعوض في النكاح والخلع والصلح على الإنكار غير مال، أما لو كان المفروض الرجوع للعوض لأمكن ذكرها على أن أهل المذهب لم يذكروا هذه المسائل في هذا الأصل، وإنما ذكرها فيه الغزالي، فتبعه ابن الحاجب وابن شأس. انتهى بالمعنى.
وحاصل الاعتراض أن قوله: أخذ عين ماله يخرج ذلك فلم يدخل حتى يخرجه بقوله: "أمكن"، والاعتراض على ابن الحاجب وابن شأس قوي لقولهما شرط الرجوع بعين المال أن يمكن لخ، وأما المص فيمكن الجواب عنه بأن قوله: ماله بفتح اللام على أنه جار ومجرور، وما اسم موصول أي الذي له فيصح حينئذ جعل أمكن شرطا. انتهى. وَلِثَالِثِهَا بقوله ودم ينتقل يعني أنه يشترط في رجوع الغريم في عين ماله أن يبقى على هيئته ولايرجع فيه إن انتقل عن الحالة التي كان عليها: كإن طحنت الحنطة فإذا اشترى منه حنطة حبا وفلس صاحب الحنطة قبل أن يقبض مشتريها ثمنها فوجد حنطته قد طحنت فإنه لا يكون أحق بالدقيق؛ لأن الحنطة لم تبق على حالها. قال عبد الباقي: هذا هو المشهور بناء على ضعيف وهو أن الطحن ناقل. قال البناني: في هذا البناء نظر لأن النقل هنا عن العين وهو يكون بأدنى شيء، والنقل فيما تقدم عن الجنس ولا يكون إلا بأقوى شيء، فلا يلزم من عدم النقل هناك عدمه هنا ولا عكسه. انتهى. وفي بعض النسخ: كإن طحنت الحنطة وهو مثال للمفهوم، قال المواق: قال أصبغ: من اشترى قمحا فزرعه أو طحنه ثم فلس لم يكن للبائع أخذه. انتهى. قوله: "لا إن طحنت الحنطة" وأولى إن عجنت أو خبزت أو بذرت. قاله الخرشي.