يرجع للحصاص خلافا لأشهب. انتهى. قوله بناء على أن الأخذ من المفلس نقض للبيع سبقه الباجي إليه في المنتقى، ووجه الباجي أيضا المقابل المردود بأنه ابتداء بيع كما قال عبد الباقي.

وتحصل مما مر أن هنا ثلاثة أقوال: قول ابن القاسم إنه له أخذ الآبق ويوافقه أشهب على ذلك ويختلفان فيما إذا لم يجد الآبق، فابن القاسم يقول: لا شيء له لأنه يقول إنما له طلب الآبق فقط أو الحِصَاصُ فقط، وأشهب يقول: له طلب الآبق على أنه إن لم يجده رجع للحصاص، وأصبغ يقول: ليس له إلا الحصاص ولا يجوز له غير ذلك. واللَّه تعالى أعلم.

ولأخذ الغريم عين ماله ثلاثةُ شروط أشار لأوَّلِهَا بقوله: إن لم يفده غرماؤه يعني أن الغريم إنما يكون له أخذ عين ماله إن لم يفده الغرماء بثمنه الذي على المفلس، وأما إن دفعوا له الثمن على أن يترك عين ماله فإن ذلك يلزمه حيث دفعوا له الثمن من مال المفلس، بل يلزمه ذلك فلا يأخذ عين ماله، ولو كان الفداء بمالهم أي بمال الغرماء، ومثل هذا ما إذا ضمنوا له الثمن وهم ثقات فليس له حينئذ أخذ عين ماله، وكذا لو أعطوه حميلا بالثمن ثقة. وقوله: "ولو بمالهم" هو مذهب ابن الماجشون وحكاه في الموازية، وزاد فيها: أو يضمنوا له الثمن وهم ثقات أو يعطوه حميلا ثقة، وقال ابن كنانة: ليس لهم ذلك، وَلِثَانِيهَا بقوله: وأمكن يعني أن الغريم إنما يكون له عين شيئه في فلس المدين إذا أمكن الرجوع في عين شيئه، فإن لم يمكن الرجوع في عين شيئه تعينت المحاصة، ولهذا قال: لا بضع أي لا إن لم يمكن الرجوع في عين شيئه فتتعين المحاصة. مثال ذلك ما إذا تزوج رجل امرأة بصداق فطالبته به بعد بنائه بها فوجدته مفلسا، فإنها ليس لها إلا المحاصة بصداقها، وليس لها الرجوع في بضعها لعدم إمكان ذلك شرعا؛ إذ ليس للزوجة أن تفسخ نكاحها لتعذر صداقها بعد البناء، وأما إذا لم يبن بها فلها الفسخ لأن الزوج هو المبتاع للبضع ولم يَحُزْهُ، والكلام الآن إنما هو في المحوز، فإذا طلقت قبل البناء لعسره بالصداق فإنها تحاص بنصف صداقها، وتقدم الكلام على المحاصة بالصداق عند قوله: "وحاصت الزوجة بما أنفقت وبصداقها".

وعصمة يعني أن المرأة إذا اختلعت من زوجها على مال تدفعه له ففلست قبل أن تدفعه له فإنما له المحاصة، ولا رجوع له في عصمتها لتعذر ذلك شرعا فقد بانت منه بالخلع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015