والزوجين يعني أن الزوجين إذا حبسا لحق عليهما، فإنه لا يفرق بينهما في السجن بشرط أشار إليه بقوله: إن خلا السجن من الرجال فلا يجاب رب الدين إلى التفريق إن طلبه.
وعلم مما قررت أن قوله: "إن خلا" قيد في الثاني فقط، فإن لم يخل السجن من الرجال حبس الرجل مع الرجال والمرأة مع النساء. وقوله: "ولم يفرق" يقرأ بالبناء للمفعول ونائب الفاعل، "بين" لأنها ظرف متصرف على لغة كما قرئ: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} برفع بين فأوقعها متصرفة وبالبناء للفاعل وفاعله عائد على الإمام؛ أي لم يفرق الإمام بين من ذكر أي لم يوجب التفرقة بينهما. قاله عبد الباقي. وقال المواق: ابن المواز: إذا حبس الزوجان في دين عليهما فطلب الغريم أن يفرق بينهما وطلب الزوجان أن يجمتعا فذلك لهما إن كان السجن خاليا وإن كان فيه رجال حبس معهم وحبست المرأة مع النساء. انتهى.
وقال البناني عند قوله: "والزوجين إن خلا" ما نصه: هذا قول ابن المواز، وقول المص بعد هذا: "بخلاف زوجته" هو قول سحنون وجعلهما ابن رشد خلافا واستظهر ما لسحنون ونقل ابن عرفة كلامه وقبله، وجمع المص بينهما لأنهما عنده ليسا بخلاف لعدم تواردهما على محل واحد. انظر الحطاب. وما صنعه المص نحوه للباجي في المنتقى، وَوُجِّهَ ما لابن المواز بأنه لم يقصد بكونها معه إدخال الراحة عليه والرفق به، وإنما قصد بذلك استيفاء الحق من كل منهما والتفريق ليس بمشروع. انتهى. انتهى.
ولا يُمنَع مسلما يعني أن المحبوس في الحقوق لا يمنع ممن يسلم عليه من حيث إنه مسلم، وأما من حيث إنه يعلمه الحيلة في خلاصه ونحو ذلك فيمنع، وقوله: "ولا يمنع مسلما" أي ولو كان زوجة لا تبيت عنده. قوله: "ولا يُمنع" نائب الفاعل ضمير يعود على المحبوس، وقوله: "مسلما" مفعول ثان لقوله: "يمنع" والفاعل: "الحاكم". وخادما يعني أن المحبوس في حق عليه لا يمنع ممن يخدمه، قال عبد الباقي: في مرض شديد لا خفيف ولا في صحة بناء على اعتماد هذا القيد كما نقله في توضيحه عن ابن المواز وتبعه عليه شراحه، وظاهره عدم مراعاة العرف والمقام الظاهر. انتهى. وقال الخرشي: ولا يمنع أيضا ممن يخدمه ويباشره ظاهره ولو صحيحا، والذي لابن المواز: إن اشتد مرضه واحتاج لأمة تباشر منه ما لا يباشر غيرها وتطلع على عورته