الابن دين لأجنبي عجز عن قضائه ولم يعلم فساده فلا يقبل قوله ويحبس لامتناعه من دفع مال ولده ليقضى به ما عليه من الدين، فحبسه إنما هو للأجنبي لا للولد. البناني: ابن يونس: ويحبس الأب إذا امتنع من النفقة على ولده الصغير لأنه يضر بهم ويقتلهم. قال ابن عبد الحكم: ويحبس الأب في دين على الابن إن كان له بيد الأب مال. انتهى. واللَّه تعالى أعلم. وقوله: "لا عكسه" قال الخرشي: ظاهره أنه معطوف على قوله: "والولد لأبيه" فيكون التقدير لا يحبس عكسه. انتهى. والظاهر أنه فاعل فعل مضمر أي لا يجوز عكسه وهو حبس الولد لأبويه. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه.
كاليمين تشبيه في الإثبات والنفي، يعني أن الوالد يحلف الولد ولا يجوز العكس أي لا يجوز تحليف الولد للوالد ولا يمكن من ذلك لأنه عقوق ولا يقضى به إن شح، وما يأتي للمص في باب الحدود من قوله: "وله حد أبيه وفسق" ضعيف.
إلا المنقلبة يعني أن الولد له أن يحلف الوالد إذا كانت اليمين منقلبة من الولد إلى الوالد، كدعواه على ولده بحق فلم يحلف الولد لرد دعوى الأب فردت على الأب فإنه يحلف اتفاقا، ولا يكون ذلك جرحة في حق الولد، قال عبد الباقي: وكقيام شاهد لولد بحق على أبيه ولم يحلف معه فردت على الأب فيحلف لرد شهادة الشاهد، وليس من انقلابها ولا من تحليف الولد لوالده حلفه مع شاهده على ولده بدين لإثبات الحق ولا حلفه مع إثباته العدم بناء على ما في أحمد هنا وإن كان ضعيفا؛ لأنه خلاف ما مشى عليه في النفقات من قوله "وأثبتا العدم لا بيمين"، وعلى ما في المواق يحلف الأب في صورتين غير منقلبة وفي صورتين منقلبة كما مر. انتهى.
قوله: وكقيام شاهد لولد بحق لخ، قال البناني: ما ذكره في هذه من حلف الأب لرد شهادة شاهد الولد غير صواب، وقد صرح ابن رشد بأن مذهب المدونة أن الوالد لا يحلف في شيء مما يدعيه الولد عليه ونصه في رسم صلى من سماع ابن القاسم من كتاب الأقضية الأول. وقال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون: إنه لا يقضى بتحليفه أباه ولا يمكن من ذلك إن دعا إليه، ولا أن يحدد في حد يقع له عليه لأنه من العقوق وهو مذهب مالك في المدونة في اليمين في كتاب المديان وفي الحد في كتاب القذف، وهو أظهر الأقوال لقول اللَّه عز وجل: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا