المازري: فإن كان صانعا ينفق على نفسه وأهله من صنعته لم يترك له شيء، ومنهم من يترك له نفقة اليومين والثلاثة خوفا من كسله أو مرضه في غد وما بعده. انتهى. ثم نقل عن اللخمي: ويصح أن لا يترك له شيء وذلك أن يكون ذا صنعة وصنعتُه قائمة، ومتى انتزع من يده راح بقوته وقوت عياله، وقيل يترك للصانع النفقة اليسيرة خوف المرض وليس بالبين؛ لأن المرض نادر ولأنه لا يخشى أن يكون ذلك بفور ما يفلس، ولأن الغالب من المفلس أنه يدخر ويكتم. انتهى. وفي الشارح أيضا: والأصل أن للغرماء أن ينتزعوا جميع مال غرمائهم كما قال ابن كنانة، ويكونون هم وغيرهم في مواساته سواء والترك استحسان. انتهى.
وفي المدونة في باب الزكاة: يترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام، قال أبو الحسن: والأهل هنا من تلزمه نفقته كالزوجة والولد الصغير والأبوين الفقيرين؛ لأن الغرماء على ذلك عاملوه وهذا بخلاف المستغرق بالمظالم والتباعات إذا فلس فإنه لا يترك له إلا ما يسد جوعته؛ لأن أهل الأموال لم يعاملوه على ذلك. قاله ابن رشد. انتهى. انتهى. نقله الحطاب.
وقال عبد الباقي: وترك له أي للمفلس الأخص من ماله قوته أي ما يقتات به وهو ما تقوم به بنيته، فإذا كان يقتات بطعام فيه ترفه لا يترك له ذلك. قاله أحمد. وكذا يقال في قوله: "والنفقة الواجبة عليه" لغيره وهو من عطف المغاير لا من عطف العام على الخاص، وأراد واجبة أصالة بزوجية أو قرابة أو رق لا يباع كأم ولد ومدبر فلا تسلط لغرمائه على قدر كفايته؛ لأنهم على ذلك عاملوه لا بالالتزام لسقوطها بالمفلس أو الموت. قال في الشامل: من له صنعة ينفق منها على نفسه وأهله لم يترك له شيء، وقيل إلا نفقة كيومين خوف عطله. انتهى. ونفي إلزامه التكسب كما مر إنما هو لأجل أن يأخذه الغرماء في دينهم وما هنا في قوته كما ذكره قائلا: لأنه إذا أمكنه أن ينفق على نفسه وأهله فإنه يلزم بذلك. انتهى. ولا يرد على قوله: أو قرابة أن نفقتها إنما تجب على الموسر فكيف تجب على المعسر؟ لأنا نقول: التفليس لا يقتضي إعساره بها إذ المفلس الذي تجب نفقة القرابة عليه من له مال يترك منه قوت قريبه. انتهى.
تنبيه علل غير واحد قوله: "وترك له قوته" لخ بقوله: لأنهم على ذلك عاملوه. انتهى.