وعلم مما قررت أن قوله: وأقبض أي الوارث أو الوصي الغرماء راجع للمسألتين، وكذا قوله: رجع الغريم الطارئ عليه أي على الوارث المقبض لغيره أو القابض لنفسه، فيأخذ الملي عن المعدم والحاضر عن الغائب والحي عن الميت. قوله: "وإن اشتهر ميت بدين" قال مصطفى: المسألة مفروضة في المدونة وغيرها فيمن ترك مالا لا يفي بديونه وهذا محل التفصيل، أما من ترك وفاء وقضى الوصي أو الورثة بعض غرمائه ثم تلف ما بقي فليس للباقين رجوع على من قبض من الغرماء إذا كان فيما بقي وفاء بدين الباقين. قاله في المدونة، وهل للباقين رجوع على الورثة؟ فيه تفصيل ذكره أبو الحسن. فانظره في مصطفى. قاله البناني.
وأخذ ملي عن معدم ما لم يجاوز ما قبضه الصواب أن هذا مقحم هنا كما في المواق وابن غازي، وأن قوله: "ثم رجع على الغريم" يوصل بقوله: "رجع عليه" لأن قوله: "وأخذ ملي" لخ خاص بالوارث القابض لنفسه لا بقيد الشهرة أو العلم، بل مطلقا. قال مصطفى: وهكذا في المدونة وابن شأس وابن الحاجب. قاله البناني. ومعنى كلام المص أن الوارث إذا قبض لنفسه ثم طرأ غريم فإنه يرجع على الورثة بدينه ويأخذ الملي عن العدم والحاضر عن الغائب والحي عن الميت، فإذا جاوز دينه ما قبضه أحد الورثة فإنه لا يرجع عليه إلا بما قبضه فقط، ويرجع ببقية دينه على الورثة الآخرين. فإذا لم يف ما قبضه الورثة بدينه فإنه لا يأخذ من الورثة إلا ما قبضوا فقط لا غير، وقد علمت أن قوله: "وأخذ ملي عن معدم ما لم يجاوز ما قبضه" غير مشروط بالشهرة ولا بالعلم فهو عام غير مقيد بالشهرة والعلم.
ثم رجع على الغريم عطف على قوله: "رجع عليه" وهو من تتمة الكلام على المقبض، يعني أنه إذا غرم الوارث أو الوصي للغريم الطارئ مع العلم والشهرة فإن الوارث يرجع على الغريم الذي قبض منه أولا كذا لمالك في كتاب المديان من المدونة. وفيها أي في المدونة وكان عليه أن يزيد أيضا ليعلم منه أن قوله: "رجع عليه" ثم رجع على الغريم في المدونة. البداءة بالغريم أي وقع في المدونة أيضا عن ابن القاسم ما يخالف بحسب ظاهره ما تقدم لمالك في المدونة، وهو أنه يبدأ الغريم الطارئ بالغريم الذي أقبضه الوارث، فإن وجده عديما رجع على الوارث بما يخصه ثم يرجع الوارث على الغريم الأول. واختلف الشيوخ فيما وقع في المحلين هل هو خلاف؟ أي هل