قال عبد الباقي: واعلم أن منفعة الرهن الجائز مستأجرة بما وقع في مقابلتها من الدين الذي فيه الرهن -صوابه من المبيع- فيشترط فيها شروط الإجارة الآتية للمص، وهي أن تكون "منفعة تتقوم قدر على تسليمها بلا استيفاء عين قصدا ولا حظر"، مثال استيفاء المعين أن يبيعه عبدا بعشرة ويرهنه شجرا على أن له ثمرها ومنع؛ لأنه كبيعه باثني عشر يقبض منها عشرة إذا حل الأجل واستأجر منه الشجر بالاثنين الباقيين على أن يأخذ ثمرها إلا أن حل بيعه حين الرهن، فيجوز اشتراطه ببيع في ذلك العام فقط كما في الشارح وكبيعه له شيئا، ويأخذ على ثمنه حيوانا رهنا يشترط أخذ لبنه والمحظور كبيع طعام وارتهن بثمنه أرضا شرط منفعتها وغمر ماؤها وندر انكشافه.
قال الحطاب: وانظر إذا اشترط المنفعة في الوجه الممنوع واستعملها ما يلزمه. انتهى. قلت: المنفعة في البيع من جملة الثمن فوقوعها على الوجه الممنوع يفسده ويجري على حكم البيع الفاسد، وإذا وقعت في القرض على الوجه الممنوع رد بدلها لأنها هدية مديان. انتهى. قوله "وغمر ماؤها" لخ قال البناني: حيث جعل أن المبيع طعام فلا حاجة لقوله: غمر ماؤها لحصول المنع بدونه لا فيه من كراء الأرض بالطعام. انتهى. قوله: "وجاز شرط منفعته" ظاهره أنه لا فرق فيما ذكر بين الحيوان وغيره وهو اختيار ابن القاسم، ففي المدونة قال مالك: وإذا اشترط المرتهن منفعة الرهن أجلا مسمى فلا بأس به في الدور والأرضين، وكرهه مالك في الثياب والحيوان إذ لا يدري كيف يرجع إليه، وقال ابن القاسم: لا بأس به في الحيوان والثياب وغيرها لأنها إجارة، وعن مالك كقول ابن القاسم وبه قال أشهب وأصبغ وكراهة مالك في الثياب والحيوان محمولة على المنع, وقد صرح به اللخمي. قاله الشارح.
قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه تعالى عنه: قد مر قول عبد الباقي محل الجواز يعني في شرط المنفعة المعينة ببيع إذا اشترطت مجانا أو لتحسب من الدين، وهذا يقتضي بحسب ظاهره أنه إذا باعه سلعة بثمانية في الذمة ورهن له فيها رهنا وآجره له بثلاثة مثلا فإن ذلك لا يجوز، والظاهر جواز هذه الكيفية وأنه إنما احترز بذلك عن قوله بعد، فإن كان يدفعه من المنفعة إلى آخر كلامه. واللَّه تعالى أعلم. وإذا كان الرهن المشترط منفعته مما لا يغاب عليه وهلك عند المرتهن فلا