من قول خارج عن الأصول كيف يصلح أن يكون له فضلة الرهن ولم يقبضها له المرتهن الأول، ولا يلزم عندي هذا الاعتراض لأن المسألة محتملة للتأويل، وقد اختلف فيمن رهن رجلا رهنا فقبضه وحازه ثم رهن فضلته من آخر، فقيل إن الفضلة تكون رَهنا وإن لم يعلم المرتهن الأول بذلك وهو قول أشهب في الواضحة وغيرها وقول ابن القاسم في المبسوط، وقيل: إنها لا تكون له رهنا إلا أن يعلم بذلك المرتهن الأول وهو قول أصبغ من رواية (?)، وقيل: إنها لا تكون له رهنا إلا أن يعلم بذلك المرتهن الأول ويرضى به وهو المشهور المعلوم من قول مالك في المدونة وغيرها.
ثم قال: وفائدة هذا الاختلاف إنما هي إذا قام الغرماء على الراهن، هل يكون المرتهن الثاني أحق بالفضلة من الغرماء أم لا؟ وأما إذا قام المرتهن الأول والثاني على الراهن ولم يكن له غرماء أو قبل قيام الغرماء فلا كلام في أن فضلة الرهن تكون له إذ لا ينازعه فيها أحد، فيحتمل أن يكون إنما تكلم في هذه المسألة على أن المرتهن الثاني قام يريد قبض فضلة الرهن في حقه الذي قد حل ولم يحل حق المرتهن ولا غرماء على الراهن، فلا يلزم من هذا التأويل اعتراض ابن دحون على المسألة، ثم قال: ولو علم الثاني بأجل المرتهن الأول لم يبع الرهن حتى يحل أجله لأنه على ذلك دخل. انتهى.
ولا يضمنها الأول الضمير في يضمنها للفضلة يعني أن الفضلة التي رهنت عند أجنبي وهي بيد المرتهن الأول إذا تلفت وهي مما يغاب عليه ولم تقم بينة على تلفها، فإنه لا يضمنها المرتهن الأول لأنه أمين فيما زاد على قدر دينه، وإنما يضمن مبلغ دينه إن حضر الثوب الرهن وقت ارتهان الثاني أو له بينة ببقائه حينئذ وإلا ضمن جميعه، ومثل كلام المص إذا سلم الرهن للثاني فلا يضمن حصة الأول، فإن رهنت الفضلة عند الأول أيضا ضمن جميعه. قال الحطاب عن ابن سلمون: وإنما يجوز رهن الفضلة عند الأول إذا ساوى أجل الدين الثاني الأول لا إن زاد عنه أو نقص. انتهى.