بعضه المنفصل كجزء من كتاب ذي أجزاء، ثم رهن الباقي بعد ذلك لأن هذا لا يتوقف على قوله: إن علم الأول ورضي يغني عن قوله: "علم"؛ يعني أنه يشترط في رهن الفضلة المذكورة أي في صحة حوزها أن يعلم المرتهن الأول بارتهان الثاني لها ويرضى بذلك ليكون حائزا للمرتهن الثاني. فتحصل من هذا أن معنى المص أنه يشترط في صحة حوز الفضلة عِلْمُ الأولِ وَرِضاهُ؛ لأن محل هذا عند موت الراهن أو قيام الغرماء عليه، فإن لم يحصل ذلك صح الرهن.
ومحل قوله: "إن علم الأول ورضي" إذا كان الرهن بيد المرتهن، وأما لو كان موضوعا على يد أمين فإنه يشترط علم المرتهن الأول دون رضاه، ويشترط أيضا علم الأمين ورضاه ليصير حائزا للثاني، ولا يقال لم لا يشترط رضى المرتهن الأول ومن حقه أن يقول أنا لم أرض إلا برهنه كله في ديني؛ لأنا نقول حيث كان الثاني لا يستحق منه في دينه شيئا إلا بعد أن يستوفي الأول جميع دينه, فإن فضل شيء كان للثاني وإلا فلا شيء له كما يأتي لم يكن له كلام؛ لأن دينه مضمون فيه يأخذه كاملا وإن تحولت الأسواق. قاله البناني.
وقال الرهوني عند قول المص "إن علم الأول ورضي": محل هذا إذا مات الراهن أو قام عليه الغرماء وإلا فلا كلام في أن الفضلة تكون للثاني كما قال أبو الوليد بن رشد، ففي رسم الأقضية الثاني من سماع القرينين من كتاب الرهون ما نصه: وسئل عن رجل ابتاع من رجل بيعا بدنانير إلى ستة أشهر ورهنه بذلك رهنا فقبضه وحازه ثم ابتاع بعد ذلك بأيام من رجل آخر بيعا بدنانير إلى أجل شهر ورهنه فضل ذلك الرهن الذي رهنه الأول، وقال: فلان مبدأ عليك في الرهن ثم ما فضل لك رهن بحقك فحل أجل المرتهن الآخِر قبل الأول المبدأ عليه في الرهن، فقال مالك: ألم يعلم المرتهن الآخر أن حق الغريم الأول إلى ستة أشهر، فقيل له، لم يعلم، فقال أرى أن يباع ويعطى حقه من ثمنه، قيل له إذا بيع هذا العبد المرهون أيعطى الذي لم يحل حقه جميع حقه ثم يعطى هذا ما فضل؟ أو يوضع له حقه حتى يحل الأجل ويعطى للمرتهن الآخر ما فضل من حقه؟ فقال: بل يعطى صاحب الحق الذي لم يحل حقَّه كلَّه أحب إلي، ثم يعطى هذا ما فضل. قال القاضي رضي اللَّه عنه: لم يذكر في هذه الرواية أن المرتهن الأول علم بما فعل الراهن من رهن فضلة الذي بيده لغيره. وقال إن فضلة الرهن تكون له. واعترض ذلك ابن دحون، فقال: إن ذلك