ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ مثل أجر نفقته فذلك جائز وإلا حرم. انتهى. قال أبو علي: وهذا التفصيل هو الحق. وفي المعيار أيضا: سئل أبو عبد اللَّه العبدوسي عمن يجوز الناس من المواضع المخوفة ويأخذ منهم على ذلك فأجاب: ذلك جائز بشروطٍ، أن يكون له جاه قوي بحيث لا يتجاسر عليه عادة، وأن يكون سيره مَعَهُمْ بقصد تجويزهم فقط لا لحاجة له، وأن يدخل معهم على أجرة معلومة أو يدخل على المسامحة بحيث يرضى بما يدفعون له. انتهى.
وفي المعيار أيضا: سئل بعضهم عن رجل حبسه السلطان أو غيره ظلما فَبَذَلَ مالًا لمن يتكلم في خلاصه بجاهه أو غيره، هل يجوز؟ فأجاب: نعم يجوز، صرح به جماعة منهم (القاضي الحسين) (?) ونقله عن القفال. انتهى. وفي الحطاب على المناسك فيمن توجه عليه وعلى جماعة مظلمة بقدر معين يوزعونه بينهم، وكان إذا احتمى شخص من دفع ما عليه يتحقق أنها تؤخذ من باقيهم ثلاثة أقوال: عدم الجواز لابن المنير أي وهو قول سحنون كما في المواق، والجواز للداودي والثالث وهو اختيار الشيخين أنه لا ينبغي، فإن جعل المظالم على كل واحد شيئا معينا يأخذه أو على كل جمل أو حمل من غير نظر لغيره، وتحقق أنه إذا احتمى منه شخص لا يجعل حصته على غيره فيجوز الاحتماء منه قطعا. قاله عبد الباقي.
وقال عبد الباقي: فإن جهل هل يجعلها على غيره أو لا ففي القسم الأول المنع؛ لأن الأصل فيما يدفعه عن نفسه أخذه من غيره وفي الثاني الجواز. انتهى. قوله: ففي القسم الأول المنع ظاهره اتفاقا وفيه نظر، لأن من يقول بالجواز مع تحقق جعلها على الغير أو أن ذلك لا ينبغي يقول به في الجهل بالأحرى، وصوابه أن يقول ففي القسم الأول الثلاثة الأقوال هكذا استظهر التاودي، فإن وجد نص بذلك فلا إشكال وإلا فلا يلزم القائل بالمنع في القطع أن يقول به مع الجهل. فتأمله. واللَّه أعلم. انتهى. قاله الرهوني. ولقد صدق في أن القائل بالمنع مع القطع لا يلزمه أن يقول به مع الجهل بل ظاهر كلامه الجواز حينئذ. واللَّه سبحانه أعلم.