وأشار إلى الشرط الثالث بقوله: وأن يسلم فيه رأس المال يعني أنه يشترط أيضا في قضاء المسلم فيه بغير جنسه أن يكون هذا المأخوذ يجوز أن يسلم فيه رأس مال السلم، كما لو أسلم دراهم في حيوان فأخذ عن ذلك الحيوان ثوبا فإن ذلك جائز؛ إذ يجوز أن تسلم الدراهم في الثوب ولا يرد هذا على القضاء بالجزاف والدار والأرض فإنه جائز؛ لأن المعنى ما يجوز أن يسلم فيه رأس المال بخصوصه والجزاف وما معه يمتنع السلم فيها بالكلية ويجوز بيعها فيجوز القضاء بها.

ثم بين ما احترز عنه بكل واحد من الثلاثة لفا ونشرا مرتبا، فقال في محترز الأول: لا طعامٌ يعني أنه لو أسلم في طعام فلا يأخذ عنه غيره من نقدٍ أو عرضٍ أو طعامٍ غيره كفول أو عدس عن قمح للنهي عن بيع الطعام قبل قبضه، ولا فرق بين أخذ العوض من بائعه وغيره، وفي محترز الثاني: ولحمٌ بحيوان الباء بمعنى عن، يعني أنه لو أسلم دراهم مثلا في حيوان فإنه لا يجوز له أن يأخذ عن ذلك الحيوان لحما من جنسه حيث لم يطبخ اللحم؛ لأن بيع اللحم بحيوان من جنسه لا يجوز يدا بيد، وهذا الشرط عام أيضا في بيعه لمن هو عليه وغيره، ومثل اللحم عن الحيوان الحيوان الذي لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت عن الحيوان.

وقال في محترز الثالث: وذهب ورأس المال ورق وعكسه يعني أنه لو أسلم دراهم في عرض فإنه لا يجوز أن يأخذ عن ذلك العرض ذهبا؛ لأن الدراهم لا تسلم في الذهب وكذا العكس كما لو أسلم دنانير في عرض فإنه لا يأخذ عن ذلك العرض رِقَةً أي فضة، وقال عبد الباقي في "وذهب ورأس المال ورق وعكسه": أي لا يجوز أن يؤخذ ذهب بدلا عن عرض مسلم فيه ورق، ولا أن يؤخذ ورق بدلا عن عرض مسلم فيه ذهب لما فيه من صرف مؤخر إلا أن يزيد أحدهما زيادة بينة تبعد تهمة الصرف المؤخر، والمنع خاص بما إذا باع المسلم فيه من غريمه، فإن باعه من أجنبي لم يراع رأس المال فيجوز.

ويخرج بقوله: "وأن يسلم فيه رأس المال" أمرٌ ثانٍ وهو أنه لا يوخذ عرض مماثل لرأس المال في الصنفية وهو أجود من رأس المال أو أكثر، ويخرج به أيضا أمر ثالث وهو منع الطعام إذا كان رأس المال طعام في عرض مثلا للتفاضل والنساء، إلا أن يتساوى الطعامان فيجوز ويعد إقالة. قاله التتائي والشارح والتوضيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015