واحترز بالأجل المعلوم من الأجل المجهول فإنه يفسد به السلم للغرر. قال عبد الباقي: وأشار لثالث الشروط بقوله: "وأن يؤجل المسلم فيه بمعلوم للمتعاقدين علما حقيقيا أو حكميا كمن لهم عادة بوقت القبض فلا يحتاج لضرب الأجل. قاله اللخمي. وهو ظاهر لأن العادة عندنا كالشرط، وأن يكون أقله نصف شهر لأنه مظنة اختلاف الأسواق غالبا، وعبر عن ذلك بقوله: "زائد على نصف شهر" لأنه لا يتحقق الخمسة عشر يوما إلا بزيادة عليها ولو يسيرة ولا حد لأكثره إلا ما لا يجوز البيع إليه. انتهى.
وقال الحطاب: ولا حد لأكثره إلا إذا انتهى إلى الغرر لطوله. انتهى. وقال الشارح: وقد اختلف في مقدار الأجل المشترط في ذلك على أقوال أحدها: أنه لابد من مدة تختلف فيها الأسواق عرفا وبهذا القدر اكتفى مالك رحمه اللَّه تعالى من غير أن يحد في ذلك عدة أيام معلومة وهو عين الفقه، وذكر عنه صاحب المعونة رواية أنه يُكتفى بمطلق الأجل، وروى ابن القاسم تحديدَ أقلِّ ذلك بخمسة عشر يوم لأنه مظنة اختلاف الأسواق غالبا، ولمالك في كتاب محمد قول يجوز ذلك إلى يومين، ولابن عبد الحكم قول بجواز السلم إلى يوم. أصبغ: فإن وقع إلى يومين لم يفسخ لأنه ليس بحرام بين واختاره ابن حبيب.
وقال محمد: فسخه أحب إلي وهو ظاهر المدونة عند ابن رشد، وخرج التونسي وغيره منه إجازة السلم الحال لأن اليوم واليومين لا يختلف فيها الأسواقُ. وقال غيره: لا يلزم من قال ذلك أن يجيز السلم الحالَّ، وذكر الباجي أنه اختلف في تخريج المذهب، فمن الأصحاب من حكى رواية يجوز السلم الحال، ومنهم من قال الأجل شرط رواية واحدة وإنما اختلفت الرواية عنه في مقداره. انتهى المراد منه. وقال المواق من المدونة: قال ابن القاسم: لا يجوز لرجل أن يبيع ما ليس عنده بعين ولا بعرض إلا أن يكون على وجه السلف مضمونا عليه إلى أجل معلوم تَتَغير في مثله الأسواقُ ولم يحد مالك في ذلك حدا، وأرى الخمسة عشر يوم أقل ذلك في البلد الواحد، فأما إن أسلم في بلد على أن يأخذه ببلد آخر فجائز إن كانت مسافته ثلاثة أيام. ابن حبيب: أو يومين لاختلاف سعرهما. انتهى.