واقتصر على الكاف كان أصوب، والمعنى أن الجنسين يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر حيث تباعدت المنفعة، بل ولو تقاربت المنفعة. ومثَّل للمتقارب المنفعة من الجنسين بقوله: كرقيق ثياب القطن ورقيق ثياب الكتان فيسلم رقيق أحدهما في رقيق الآخر لاختلاف الجنس، وقال المواق: ابن بشير: إن اختلف الجنس دون المنفعة فحكى الباجي قولين. انتهى. وعلى القول بالمنع رد المص بلو، وقال الشارح: وهذه المسألة على أربعة أوجه، الأول: أن يتحد الجنس والمنفعة كالرقيق في رقيق من جنسه والغليظ في غليظ من جنسه فلا يجوز سلم بعضها في بعض اتفاقا. الثاني: أن يتعدد الجنس والمنفعة كرقيق الجنس في غليظ الجنس الآخر أو العكس فيجوز ذلك بلا خلاف. الثالث: أن يتحد الجنس وتتعدد المنفعة كرقيق الجنس الواحد في غليظه أو العكس فيجوز قولا واحدا. الرابع: أن يتعدد الجنس وتتحد المنفعة وهي المسألة التي ذكرها المص هنا فحكى ابن يونس الجواز وقاله في السلم الثالث، وروي عن مالك المنع وهو قول أشهب. انتهى.
لا جمل في جملين مثله عجل أحدهما يعني أنه لا يجوز سلم جمل في جملين مثله عجل أحدهما وأجل الآخر لما فيه من سلف جر نفعا، لأن المسلم بالمؤجل سلف والعجل محض زيادة، قال في التوضيح تبعا لابن عبد السلام: هذا هو المشهور لأن المؤخر عوض عن المدفوع فيكون سلفا والمعجل زيادة، ورأى في الشاذ أي القول بالجواز أن المعجل بالمعجل والمؤجل زيادة محضة والقولان لمالك. ابن عبد السلام: وأقربُهما جريا على قواعد المذهب المشهورُ لأن في هذه المسألة تقديرا يمنع وتقديرا يجوز، والأصل في مثله تغليب المنع. انتهى. نقله بناني.
والحاصل أن القول بالمنع هو المشهور وقواه غير واحد، وقوله: "مثله" نعت لجملين لأن مثل يوصف بها المفرد مذكرا أو مؤنثا والتثنية والجمع، قال تعالى حكاية عن فرعون وملائه: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا}، وقال تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}، وقال تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنّ}، ومع ذلك يثنى ويجمع قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}، {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ}، وقال عبد الرحمن بن حسان رضي اللَّه تعالى عنه:
من يفعل الحسنات اللَّه يشكرها ... والشر بالشر عند اللَّه مثلان