من الثمار وكذا الحب، واحترز بالحلو عن القصب قبل جريان الحلاوة فيه فإن فيه الجائحة، والظاهر أن مجرد جريان الحلاوة فيه وإن لم يتكامل يمنع اعتبار الجائحة فيه بمنزلة ما تناهى طيبه في غيره، فإن قلت كيف يكون فيه الجائحة وهو لا يصح بيعه؟ قلت: بل يصح إذا بيع على شرط الجذ لا على ما إذا بيع بأرضه أو تبعا لها إذ لا جائحة كما مر. وأما القصب الفارسي فهو كالخشب فلا تجري فيه الجائحة قطعا. قال جميعه الخرشي. ونحوه لعبد الباقي.
وقال المواق: من المدونة: لا توضع في القصب الحلو جائحة إذ لا يجوز بيعه حتى يطيب ويمكن قطعه وليس ببطون، وقد قال ابن القاسم: توضع جائحة القصب الحلو وهو أحسن. ابن القاسم: كل ما لا يباع إلا بعد يبسه من الحبوب من قمح وشعير أو حب فجل الزيت فلا جائحة في ذلك وهو بمنزلة ما باعه في الأنادر وما بيع من ثمر نخل وعنب وغيره بعد أن يبس فصار تمرا أو زبيبا فلا جائحة فيه، ولو اشترى ذلك حين الزهو ثم أجيح بعد إمكان جذاذه وتيبيسه فلا جائحة فيه، وكأنك ابتعتها بعد إمكان الجذاذ. قال سحنون: إذا تناهى العنب المشتري وآن قطافه حتى لا يتركه تاركه إلا لسوق يرجوه أو شغل يعرض له فلا جائحة فيه ولا سقي على بائعه، بخلاف النخل السقيُ على البائع حتى ييبس التمر والجائحةُ فإذا يبس سقطت الجائحةُ والسقي عنه، قال ابن حبيب: وكذلك الزيتون إذا بلغ من الطيب المقدار الذي يمكن فيه جميعه كله فلا جائحة فيه. انتهى.
وخير العامل في المساقاة بين سقي الجميع وتركه إن أجيح الثلث فأكثر يعني أن العامل في المساقاة إذا أصاب بعض الثمرة المساقى عليها جائحة، فإن أذهبت أقل من ثلث الثمرة فلا كلام للعامل ويلزمه أن يسقي جميع الثمرة في أجيح وما لم يجح، وإن أذهب الثلث فأكثر فإن العامل يخير بين أن يبقى على عمله ويسقي الجميع في أجيح وما لم يجح وله الجزء الذي دخل عليه وبين أن يفك عن نفسه ويترك المساقاة ولا شيء له فيما عمل لا من نفقة ولا من أجرة علاج ولا غير ذلك، وظاهرها أنه لا فرق بين أن يكون المجاح شائعا أو في ناحية معينة وهو كذلك عند عبد الحق، وقيدها ابن يونس بما قال محمد وهو ما إذا كانت شائعة، وأما إذا كانت في ناحية فلا سقي عليه فيها ويسقي السالم وحده ما لم يكن يسيرا جدا الثلث فدون. قاله الخرشي.