ثلثَ قيمة جميع الأجناس التي احتوت عليها الصفقة، كأن تكون قيمة الجميع تسعين وقيمة المصاب ثلاثين، وأشار إلى الشرط الثاني بقوله: وأجيع منه ثلث مكيلته يعني أنه لا بد أيضا من أن يذهب من ذلك الجنس المجاح ثلث مكيلة نفسه فأكثر، فإن عدم أحد الشرطين فلا وضع عند ابن القاسم ولو أذهبت الجائحة الجنس كله ونسبه ابن يونس لمحمد. قاله الخرشي.
وقال عبد الباقي: وإن اشترى أجناسا من حائط أو حوائط كنخل وعنب وتين ونحوه في صفقة فأجيح بعضها جنسا أو بعضه من حائط فأكثر أو من كل بعضه وضعت بشرطين: الأول إن بلغت قيمته أي قيمة الجنس الذي وقعت فيه الجائحة ثلث قيمة الجميع أي جميع الأجناس التي وقع العقد عليها يعني ما وقعت فيه الجائحة وما لم تقع فيه، كأن تكون قيمة الجميع تسعين وما أجيح ثلاثين فأكثر، والشرط الثاني قوله: "وأجيح منه" أي من الجنس الذي وقعت فيه الجائحة "ثلث مكيلته فأكثر"، فإن فقد أحد الشرطين أو هما فلا جائحة، فالنظر الأول بين القيمتين والثاني بين المكيلتين. انتهى.
وما مشى عليه المص هو لابن القاسم، ولمالك من رواية ابن حبيب أن المعتبر كل جنس على انفراده مما يخصه من الثمن بناء على أن العقد يتعدد بتعدد العقود عليه فيصير كأنه عقد على كل جنس بانفراده، وفي المسألة قول ثالث لأشهب أن المعتبر ثلث الجميع، فإن بلغ ما أجيح ثلث الثمن فأكثر وضع من غير اعتبار بقدر الجائحة من الثمرة.
وإن تناهت الثمرة فلا جانحة هذا مفهوم قوله: "وبقيت لينتهي طيبها" يعني أنه إذا وقع العقد على الثمرة وقد تناهت في الطيب بأن صارت تمرا أو زبيبا مثلا ثم أجيحت فإنه لا جائحة فيها أي لا يوضع عن المشتري في مقابلتها شيء من الثمن؛ لأنها قد تم طيبها فلم يبق إلا القطع ولهذا لو جرت العادة بجذه مرة بعد مرة ففيه الجائحة، كالقصب الحلو ويابس الحب يعني أن القصب الحلو لا جائحة فيه إذ لا يجوز بيعه حتى يطيب ويمكن قطعه، وكذا الجائحة في يابس الحب كقمح وشعير وسمسم وحب فجل سواء بيع بعد يبسه أو قبله على القطع وبقي إلى أن يبس، وأما لو اشتراه على التبقية أو الإطلاق وأصابه ما أتلفه فإنها توضع قلت أو كثرت بعد اليبس أو قبله؛ لأنه بيع فاسد فضمانه من بائعه، فقوله: "كالقصب الحلو" تشبيه لإفادة الحكم لأن القصب ليس