ترى المدونة في كتاب التجارة صرحت بعدم الانتظار مرتين، وهو عدم التلوم، فقول المص: وفيها أيضا نفي التلوم، معناه على ظاهره أي وفيها التصريح بأنه لا يتلوم له وهو ظاهر.

وفي حمله على الخلاف تأويلان؛ يعني أن شارحي المدونة اختلفوا في الموضعين هل هما خلاف فكل من المحلين باق على عمومه؟ أو وفاق، وعليه فالموضع الذي فيه التلوم حيث رجي قدوم الغائب، والموضع الذي فيه نفي التلوم هو ما إذا لم يرج قدومه؛ والله سبحانه أعلم.

وهذا الذي قررت به المص هو الذي قرره به الشيخ محمد بن الحسن، وقرره عبد الباقي بأن معناه: وفيها أيضا نفي ذكر التلوم، قال: لأن الذي فيها في الموضع الآخر السكوت عن التلوم لا نفيه، فعلى الوفاق يحمل المحل المسكوت فيه عن التلوم على ما إذا لم يرج قدوم البائع، أو على ما إذا خيف على المبيع الهلاك أو الضياع فيباع، ويحمل المحل الذي فيه التلوم على ما إذا طمع في قدومه، ولم يخف على المبيع ذلك، وعلى الخلاف الأمر ظاهر، قال بناني: وقول عبد الباقي: لأن الذي فيها في الموضع الآخر السكوت لخ، نحوه لابن غازي، ولهذا قدر في المص مضافا أي نفي ذكر التلوم، وأصله للمتيطي، ونصه: وفي التجارة لأرض الحرب منها: إن بعدت غيبته قضي عليه ولم يذكر تلوما. انتهى. ونقله المواق وابن غازي، ونقله أيضا ابن عرفة وأقره، ونحو ما للمتيطي لأبي الحسن، ورده بعض الشيوخ بأن كتاب التجارة لأرض الحرب مصرح فيه بنفي التلوم لا مسكوت عنه كما ذكروه، ويتبين ذلك بكلام ابن سهل في أحكامه، فإنه بعد أن ذكر قول المدونة في كتاب العيوب: وأما البعيد فيتلوم له إن كان يطمع بقدومه، فإن لم يأت قضي عليه، قال ما نصه: قال في هذه المسألة: إنه يتلوم للغائب إن كان بعيد الغيبة، وقال في كتاب التجارة لأرض الحرب: فيمن أسلم عبده النصراني، إلى آخر ما مر.

تنبيه: قال الرهوني: قد يقال: لا معارضة بين هاتين المسألتين؛ يعني المسألتين المتقدمتين، مسألة العبد يسلم وسيده الكافر غائب ومسألة الزوجة تسلم وزوجها الكافر غائب، ومسألة العيب، ولا يلزم الإمام ولا ابن القاسم رضي الله عنهما ما ألزموهما من التناقض لظهور الفارق من وجوه، أحدها: أن الرد بالعيب حق آدمي، وبيع السلم المملوك للكافر، وفسخ نكاح المسلمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015