وأخذ ثمنه، وهذا إن أمضى البائع البيع كما علمت، فإن رده فلا خيار للمشتري، وإنما لم تكن جنايته خطئا ردا كجنايته عمدا لأن الخطأ مناف لقصد الفسخ قاله الشارح.
وإن تلفت انفسخ فيهما؛ يعني أنه لو جنى البائع على المبيع بالخيار وأتلف المبيع فإن البيع يفسخ، كانت لجناية عمدا أو خطئا؛ وقوله: فيهما؛ أي في العمد والخطأ.
وإن خير غيره وتعمد فللمشتري الرد أو أخذ أرش الجناية، لما فرغ من جنايات البائع حيث كان الخيار له وهي أربع، شرع يذكر الأربع الأخَر من جناياته حيث كان الخيار لغيره؛ يعني أن البائع إذا جنى على المبيع بالخيار زمنه ولم يتلفه وكانت جنايته عمدا والخيار للمشتري فإن المشتري يخير بين رد المبيع وأخذ ثمنه، والتمسك به وأخذ أرش الجناية؛ قال الشيخ أبو علي: أي فإن كانت الجناية عمدا إلا أن الخيار للمشتري وهو مراده بغيره والجناية لم تتلف المبيع فالمشتري مخير إن شاء رد وإن شاء دفع الثمن وأخذ المبيع وأرش الجناية. انتهى. وقال المواق: قال ابن شاس: إن كان الخيار للمشتري فجنى البائع عمدا، فإن لم يتلف المبيع كان للمشتري أن يُغَرِّمَ البائع قيمة الجناية ويأخذه معيبا ويدفع الثمن أو يرده، وقال عبد الباقي: وإن خير غيره أي غير البائع وهو المشتري، ولو قال: وإن خير مشتر لكان أخصر، لكن كان يبرز ضميرَ وتعمَّدَ البائع الجناية ولم يتلف فللمشتري الرد للبيع أي نقضه وأخذ ثمنه، أو أخذ أرش الجناية وإمضاء البيع، وعدل عن أن يقول: أو أخذ قيمة العيب؛ لأنه إذا أوضحه وبرئ على غير شين فله أخذ أرش الموضحة وهو نصف عشر القيمة مع أنه ليس ثم عيب، كذا أشار له الشارح؛ وسيأتي أن الموضحة إن كان فيها شيء مسمى كموضحة برأس فيأخذه وإن برئت على غير شين، وإن لم يكن فيها شيء مسمى كموضحة بلحي أسفل، فإن برئت على غير شين فلا شيء فيها، وعلى شين فعلى ما يراه القاضي؛ واستُشكل أخذ المشتري أرش الجناية مع أن البائع جنى على سلعته إذ بيع الخيار منحل؟ وأجيبَ: بأنه لما كان الخيار للمشتري ويحتمل أن يمضي فكأن البائع عدا على ما للغير فيه حق. انظر التتائي. وفي أحمد: إنما كان له الأرش لاتهام البائع على قصد الرد بخلاف ما إذا جنى أجنبي، وبهذا ظهر الفرق بين المسألتين، والجامع بينهما أن الملك للبائع والجناية على ما هو في ملكه.