مالك رضي الله عنه الأحاديث كلها فاستعملها في مواضعها وتأولها على وجوهها، ولم يمعن غيره النظر، ولا أحسن تأويل الأثر، ونظم ابن غازي هذه الأقوال فقال:
بيع الشروط الحنفي حرمه ... وجابر سوغ لابن شبرمة
وفصلت لابن أبي ليلى الأمه ... ومالك إلى الثلاث قسمة
وحاصل ما للإمام أن ما كان من الشروط من مقتضيات العقد أو من مصلحاته صح فيه البيع والشرط، وما كان منافيا للعقد أو يؤدي إلى الغرر والجهل بالمبيع فسد فيه البيع والشرط، قال الأبي: وكان ابن عرفة يقول: ما لا يفيد مصلحة في البيع ولا يفسد البيع ولا يزاد في الثمن ولا ينقص منه لأجله، فهو الذي يقول فيه أصحابنا: يصح البيع ويبطل الشرط. انتهى كلام بناني. الثالث: قد مر عن عبد الباقي أنه يستثنى من قوله: أو حذف شرط التدبير أي ونحوه أربعة أشياء قد مر ذكرها، قال بناني: أما المسألة الثانية والثالثة فذكرهما ابن رشد وابن عرفة وغيرهما، وأما المسألة الأولى فذكرها في النوادر وفي العتبية، ففي رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: سمعت مالكا يقول: لا أحب أن يبيعه على إن وجد ثمنا قضاه وإن هلك ولا شيء عنده فلا شيء عليه. قال ابن القاسم: فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها. قال ابن رشد: هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاءا أو أبيا، ويصح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسير لقول مالك. انتهى. فيؤخذ من قوله: لأنه غرر، أن المبيع يفسخ وإن حذف الشرط لتصريح ابن رشد في المقدمات بأن كل شرط يؤدي إلى جهل أو غرر فإنه يوجب فسخ البيع على كل حال، ولا خيار لأحد المتبايعين في إمضائه، فإن فاتت السلعة ردت قيمتها بالغة ما بلغت، وبه تعلم أنه لا وجه لاستثناء هذه المسألة هنا لأنها ليست من قسم الشروط المناقضة، بل من الشروط المؤدية إلى غرر أو جهل، وأما المسألة الرابعة وهي مسألة بيع الثنيا فذكرها الحطاب عن الباجي قائلا: المشهور فيها البطلان مطلقا وإن حذف الشرط، فانظره. فتزاد مسألة خامسة يبطل