القسم الثالث: ما يكون من شروط منافيا لمقتضى عقد البيع لأن فيه تحجيرا على المشتري، مثل أن يبيع السلعة للمشتري على أن لا يبيعها أو لا يهبها، وعلى أن يتخذ الجارية أم ولد، أو على أن لا يخرج بها من البلد، أو على أن لا يعزل عنها، أو على أنه إن باع المشتري السلعة فالبائع أحق بها بالثمن الذي يبيعها به، أو على الخيار إلى أمد بعيد، وما أشبه ذلك مما يقتضي التحجير فالمشهور في هذا النوع أنه يفسخ ما دام البائع متمسكا بشرطه، فإن ترك الشرط صح البيع، هذا إذا كانت قائمة، فإن فاتت كان فيه الأكثر من الثمن والقيمة يوم قبضه.
قال في البيان: ويستثنى من هذا الحكم مسألتان، إحداهما: إذا باع الأمة وشرط على المشتري أن لا يطأها وأنه إن وطئها فهي حرة، أو فعليه كذا وكذا، فهذا يفسخ على كل حال على حكم البيع الفاسد ولا يكون للبائع أن يترك الشرط من أجل أنها يمين لزمت المشتري. الثانية: أن يشترط الخيار إلى أمد بعيد فإن البيع يفسخ فيها على كل حال ولا يمضي إن رضي مشترط الخيار ترك الشرط لأن رضاه بذلك ليس تركا منه للشرط وإنما هو اختيار البيع الفاسد على الخيار الفاسد، وإلى هذا القسم أشار الص بقوله "وكبيع وشرط يناقض المقصود". القسم الرابع: ما يكون فيه الشرط غير صحيح إلا أنه خفيف فلم تقع له حصة من الثمن، فيصح البيع ويبطل الشرط، وإلى هذا القسم بفروعه أشار المص بقوله في فصل التناول "كمشترط زكاة ما لم يطب وأن لا عهدة ولا مواضعة" لخ، هذا تفصيل الإمام مالك رضي الله عنه في بيع الشروط، وذهب أبو حنيفة إلى تحريمه مطلقا لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع وشرط) وذهب ابن شبرمة إلى الجواز مطلقا، عملا بما في الصحيح: من أن جابرا رضي الله عنه باع من النبي صلى الله عليه وسلم ناقة واشترط حلابها وظهرها إلى المدينة، وذهب ابن أبي ليلى إلى بطلان الشرط مع صحة البيع لحديث عائشة رضي الله عنها (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة وأعتقها وإن اشترط أهلها الولاء فإن الولاء لمن أعتق) فجاز البيع وبطل الشرط. وعرف