كان الظرف مكيالا مجهولا ولهم مكيال معروف غيره، وإلا جاز كما مر من جواز شراء حاضر ببادية بمكيالها لعدم مكيال معلوم له بها، ومن جواز شراء باد بحاضرة بمكيالها لعدم مكيال معلوم للبادي، نعم شراء ما في المكيال المجهول جزافا جائز بشروطه، لا على أنه مكيل به مع تيسر معلوم له. المازري: وقد يهجس في النفس أن لا فرق بين ما أجازوه ومنعوه إذ لا يختلف حزر الحازر لزيت في قارورة ولمقدار ملئها منه؛ وأشار ابن رشد لما يفيد الجواب بأن ما أجازوه لم يقصد فيه إلى الغرر لحضوره فخف أمره، بخلاف ملئه ثانيا فإنه غرر مدخول عليه، وذكر ابن غازي عن القباب أن ما يفعله أهل بلاده من إعطاء العطار درهما ليعطيه به أبزارا أي كفلفل كما عندنا بمصر أيضا، فيجعل له شيئا من الأبزار في كاغد فيحمله المشتري من غير معرفة قدره لا يجوز. انتهى. أي من غير رؤية فإن فتحه ورءاه جاز وإن لم يعرف وزنه؛ إذا وجدت فيه بقية شروط الجزاف ما عدا المشقة؛ لأنها لا تشترط في المكيل والموزون. انتهى. وفي الحطاب عن ابن رشد: ولا يجوز الشراء بمكيال مجهول إلا في موضع ليس له مكيال معلوم على ما قاله في المدونة. وفي التوضيح: اختلف أصحابنا إذا وقع التبايع بمكيال مجهول، فقال أشهب: لا يفسخ، والظاهر هو القول بالفسخ.
إلا في كسلة تين مستثنى من المبالغتين يعني أن ما مر من منع شراء ملء الظرف الفارغ أو ما فيه مع ملئه ثانيا بعد تفريغه إنما هو في غير ما هو كسلة التين، وأما ذلك فإنه يجوز فيه الأمران بأن يشتري ملء السلة الفارغة أو يشتري ما فيها مع ملئها ثانيا بعد تفريغها، والسلة بفتح السين؛ قال عبد الباقي: إلا في كسلة تين وعنب وقربة ماء وجراره وراويته مما جرى العرف بأن ضمانه من بائعه إذا انشق قبل تفريغه، فيجوز شراء ملئه فارغا وملئه ثانيا بعد تفريغه بدرهم مثلا في عقد واحد؛ لأن السلة ونحوها بمنزلة المكيال المعلوم، وإذا اختلفت المياه تعين فتحه عند الشراء. انتهى كلام عبد الباقي. وقال الخرشي عند قوله: إلا في كسلة تين؛ أي إلا أن يقع ذلك في سلة تين أو عنب أو نحوهما فلا بأس بشراء ملئه فارغا أو ملئه ثانيا بعد تفريغه بدرهم؛ لأن التين والعنب غير مكيل فأكثر كيل الناس له بالسلل، فجرى ذلك مجرى المكيال لهما، والقمح مكيل