المعدود المبيع جزافا، وكون الضمير للأفراد التي يشملها قولنا: المعدود المبيع جزافا ربما يكون هو أولى. لأنه هو ظاهر النقول سيما كلام القاضي، ولأن قلة ثمن الكل يلزم منه قلة ثمن أجزائه. نقله الشيخ أبو علي؛ وفي الخرشي توجيهات ثلاث للضمير في ثمنه، بأن يعود على الفرد أو على جملة المبيع أو على ما بين الأفراد. والله سبحانه أعلم.
ويتحصل من كلامهم هنا أن القلة في ثمن الجزاف المعدود إذا كانت أفراده مختلفة اختلافا بينا تقوم مقام تساوي أفراده. فيجوز بيعه جزافا إذا كان في عده مشقة، وذلك كالبطيخ والأترج فإن ثمنهما قليل بحسب العادة، وأن المتساوي الأفراد والذي تفاوت أفراده غير منظور إليه لقلة ثمنه يجوز بيعهما جزافا؛ لأن القصد في هذين القسمين إنما هو إلى مبلغهما لا إلى أفرادهما. والله سبحانه أعلم. واعترض كلام المازري في البطيخ والأترج القائل بعدم جواز بيعهما جزافا فإنه قال: لابد من كون الثمن لا يختلف عند المتعاقدين في الصغر والكبر. قال عبد الباقي: وعلم من المص أن ما يباع جزافا إما أن يعد بمشقة أم لا، وفي كل إما أن تقصد أفراده أم لا، وفي كل إما أن يقل ثمنه أم لا، فمتى عد بلا مشقة لم يجز جزافا قل الثمن أم لا، وإن عد بمشقة فإن لم تقصد أفراده جاز بيعه جزافا قل الثمن أم لا، وإن قصدت جاز جزافا إن قل ثمنها ومنع إن لم يقل، فالمنع في خمسة والجواز في ثلاثة، وبقي من شروط الجزاف أن لا يشتريه مع مكيل على تفصيله الآتي له؛ وصرح بمفهوم قوله: إن ريء، فقال:
لا غير مرءي، بالجر عطف على محل إن ريء؛ إذ هو في محل الصفة لجزاف؛ أي وجاز بيع جزاف مرءي، لا غير مرءي ومر أنه يستثنى قلال الخل المطينة التي يفسدها الفتح، ومثلها الثوب الرفيع الذي يفسده الفتح والنشر، فيباع على الصفة مع كونه حاضرا دون أن ينشر ويقلب. انظر الحطاب. وإن أي ولأجل اشتراط كون الجزاف مرءيا لا يجوز أن يشتري ملء ظرف وهو فارغ ابتداء، بل ولو ملئه ثانيا بعد تفريغه، بعد أن اشتراه أولا بما فيه مع ما يملؤه ثانيا، وجعل ذلك عقدة واحدة لعدم رؤيته ثانيا حين العقد عليهما معا فقد دخلا على الجزاف. قاله عبد الباقي. وقوله وقد دخلا على الجزاف، هو كالصريح في المنع ولو كان الزرع الذي يملؤه منه صبرة بين أيديهما. والله سبحانه أعلم. قال عبد الباقي: ويقيد قوله: وإن ملء ظرف لخ، بما إذا