قوله: وغائب يبلغه، البيت، معناه أن من بيع ماله وهو غائب عن مجلس العقد، والبائع يدعيه لنفسه، وبلغ ذلك رب المال، ولم يقم إلا بعد مدة، لا شيء له في ثمن ولا مثمون، فضلا عن رد البيع وفسخه، والدليل على أنه ادعاه لنفسه قوله في البيت الثاني: وبالمبيع بائع له أقر، ومفهوم قوله: بعد مدة، أنه لو قام بالفور كان له النظر في إمضاء البيع وأخذ الثمن، وفسخ البيع وأخذ شيئه، وقوله: وغير من في عقدة البيع لخ؛ يعني أند لو بيع ماله وهو غائب، والبائع يقر أن المبيع لغيره، وقام ربه بالفور فإنه يخير في إمضاء البيع وأخذ الثمن، وفسخه وأخذ شيئه، وأما إن لم يقم حتى مضى زمن، فإن البيع يمضي، ولرب المبيع أخذ الثمن، هذا إذا كان عالما بفعل البائع وسكت لغير عذر، ومفهومه أنه إن لم يعلم فله القيام وإن مضى زمن، كما أنه لو سكت لعذر من خوف على نفسه أو ماله فلا حكم لسكوته، فله القيام طال الزمن أو قصر، وقوله: وغير من في عقدة البيع حضر، مستغنى عنه لأنه هو فرض المسألة. وبالله تعالى التوفيق. وأشار بالبيت الأول إلى قوله في المفيد: وكذلك إن باعه وهو غائب وهو يدعيه لنفسه، فبلغ صاحب المال ذلك، فلا يغير ولا ينكر ولا يشهد على ذلك عدولا، ثم قام يطلبه بعد ذلك فلا سبيل له إلى ذلك، ولا إلى ثمنه. انتهى. وقال أحمد بن عبد الملك في الرجل الذي لم يحضر البيع: إذا علم وسكت يوما أو يومين فإن له القيام وفسخ البيع، ما لم تكثر الأيام فيلزمه، واعتمد الناظم هذا، ولم يعتمد ما نقل عن ابن زرب: أنه سئل عن رجل بيع عليه ماله وهو غائب، ثم علم بالبيع وسكت سنة أو سنتين؟ فقال: القيام له واجب؛ أي له الخيار إلى سنة أو سنتين. قال الشارح: وفي جعل ابن زرب الخيار للغائب بعد علمه إلى سنة أو سنتين إشكال. فتأمله. انتهى. وإشكاله ظاهر، والظاهر اللزوم. قاله الشيخ ميارة. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ أبو علي: والحاصل أن الحاضر تفصيله ظاهر، وأن الغائب نقل ابن بطال يدل على أن له نقض البيع إلا في الأيام الكثيرة، وظاهر أن ذلك نحو الشهر وما يقرب منه، بدليل مقابلته باليومين ونحوهما، وابن زرب جعل له الخيار إلى السنة والسنتين، وفيه إشكال، ولكن تقدم كلام ابن رشد: أن الخيار إنما يقطع بمضي عام فيمن لم يحضر العقد بعد علمه ولم يبين هل البائع ادعاه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015