كتاب جامع البيوع. والرَّابعُ: المنع من احتكارها ما عدا الأدم والفواكه والسمن والعسل والتين والزبيب وشبه ذلك. وقال مالك فيمن احتكر في وقت يضر بالناس: اشترك فيه أهل السوق بالثمن الذي اشتراه به، وإن لم يعلم سعره فبسعره يوم اشتراه، وأرى إذا طال أمد ذلك أن يمضي ولا يرد. انتهى. وهو أتم مما مر عن بناني. والله سبحانه أعلم. وقال الرهوني: وهذا التفصيل مبني على المشهور، وأما على القول بالمنع مطلقا فإنه يباع عليه بالثمن الذي اشتراه به مطلقا. وفي سماع ابن القاسم: إذا غلا الطعام واحتيج إليه وبالبلد طعام فلا بأس أن يأمر الإمام أهل الطعام بإخراجه للناس. ابن رشد: مثله في الموازية، وهوأمر لا أعلم فيه خلافا؛ لأن هذا وشبهه مما يجب الحكم فيه للعامة على الخاصة، كالنهي عن بيع حاضر لباد، وتلقي السلع حتى يهبط بها الأسواق. الباجي: من معه طعام زراعة وجلبه لم يمنع من احتكاره كان في ذلك ضرورة أو غيرها، قال محمد عن مالك: يبيع هذا متى شاء ويمسك متى شاء ولو بالمدينة، وأما من صار إليه طعام بابتياع في وقت سعة ورخاء ثم لحق الناس شدة، قال محمد: قيل لمالك: إن كان الغلاء الشديد وعند الناس طعام مخزون يباع عليهم؟ قال: ما سمعته، وقال في موضع آخر: لا بأس أن يأمر الإمام بإخراجه إلى السوق. ابن عرفة: ظاهر العتبية وقول ابن رشد: أنه إذا وقعت الشدة أمر أهل الطعام بإخراجه مطلقا كان زراعة أو غيرها، خلاف ما نقله الباجي. وقال الرهوني: المتعين عندي في فهم ما نقله الباجي وابن يونس عن الموازية وسلماه أن ذلك حيث لا يؤدي عدم إخراجه إلى هلاك النفوس، وإلا فيتعين إخراج ذلك، وقد جزم القرطبي بذلك في الطعام المجلوب، ونقله مقتصرا عليه كأنه المذهب، ولم يحك فيه خلافا. فتأمله بإنصاف. والله أعلم. وإذا اشترى ليبيع في الحين فليس باحتكاره وإنما ذلك إذا اشتراه ليدخره رجاء الزيادة. واعلم أن دخول السوق لا يزري بأهل الهيئات ولا يحط من مرتبتهم، فقد كان عمر رضي الله عنه يدخل السوق ويكفي في هذا من الحجة قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} ردا لقول المشركين {{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015