الثاني: لشخص أيضا أن يشتري وقت السعة قوت سنة أو أكثر لا بوقت الضيق، فإنما يشتري ما لا يضيق على غيره كقوت شهر أو أيام، فإن اشترى ما يضيق أو اشترى كثيرا وقت السعة، تم حصل للناس ضرر، وجب عليه بيع ما زاد على قوته وقوت من تلزمه نفقته إن خيف بحبسه إتلاف المهج باتفاق الباجي والقرطبي وابن رشد، فإن مسّت الحاجة ولم يكن الخوف المذكور بل دونه وجب عند ابن رشد، وقال الباجي: لا، واتفق على جواز احتكار غير الطعام كصوف وكتان حيث لا ضرر على الناس في احتكاره، وفي الطعام خلاف، قوله: وجب عليه بيع ما زاد على قوته لخ، أما من اشترى ما يضيق على الناس فإنه يؤخذ منه بالسعر الذي اشتراه به، وأما من اشتراه وقت السعة فإنه يؤخذ بسعر وقته، كما في الحطاب عن القرطبي. وقوله: وفي الطعام خلاف: قال المازري: قال ابن القاسم وابن وهب: سئل مالك عن التربص بالطعام وغيره رجاء الغلاء؟ قال: ما سمعت فيه بنهي، ولا أرى بأسا أن يحبس إذا شاء، ويبيع إذا شاء، ويخرجه إلى بلد آخر. وقال ابن العربي في العارضة: إذا كثر الجالبون للطعام وكانوا إن لم يشتر منهم ردوه كانت الحكرة مستحبة. انتهى. ونحوه للخمي. قاله بناني. وقال الرهوني: قوله: يجوز لشخص أيضا أن يشتري قوت سنة، يدل عليه ما ثبت في الأحاديث الصحيحة من فعله عليه الصلاة والسلام. وقوله: وفي الطعام خلاف، يقتضي أن الخلاف لم يعتمد منه شيء وليس كذلك، بل الجواز هو المشهور ومذهب المدونة، ثم نقل عن ابن رشد: أنه لا خلاف أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة في وقت يضر احتكاره بالناس. وأما في وقت لا يضر احتكارها فيه بالناس ففيه أربعة أقوال.
أحَدُهَا: إجازة احتكارها كلها: القمح والشعير وسائر الأطعمة، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة. والثاني: المنع من احتكارها جملة من غير تفصيل، للآثار الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحتكر إلا خاطئ، وهو مذهب مطرف وابن الماجشون. والثالث: إجازة احتكارها كلها ما عدا القمح والشعير، وهو دليل رواية أشهب عن مالك في رسم البيوع الأول من