أحمد بن خالد، ولا دليل لأبي حنيفة والشافعي في قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}؛ لأنه في المطلقات كما لا دليل فيه لأهل المذهب ولا لأبي ثور، وكذلك قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} هي في المطلقات، ومستند أهل المذهب في إيجاب الرضاع على الزوجة إنما هو عرف المسلمين المستمر على دوام الأعصار وفي جميع الأمصار يرضعن أولادهن من غير طلب أجر على ذلك. قاله ابن عبد السلام.
إلا أن لا يقبل غيرها، مستثنى مما قيل الكاف، أعني قوله: إلا لعلو قدر، وما بعدها يعني أن الولد إذا لم يقبل غير أمه وهي شريفة أو بائن فإنه يلزمها أن ترضعه، كان الأب مليا أو عديما، وتجب لها في هذد الحالة الأجرة، كما في المدونة؛ أي من مال الأب، فإن أعدم فمن مال الصبي، وعبارة الشبراخيتي عند قوله: غيرها؛ أي الشريفة والبائن، فيجب عليها حينئذ لكن إذا كان للأب أو الصبي مال فلها الأجرة كما في المدونة، وإلا فمجانا. انتهى. أو بعدم. بالنصب عطف على لا يقبل الأب. فاعل يعدم؛ أي يفتقر يعني أن الشريفة والبائن يلزم كلا منهما أيضا أن ترضع ولدها حيث كان الأب عديما، والحال أن الولد قبل غيرهما ولا مال للصبي فيرضعانه مجانا أو بموت. عطف على المستثنى أيضا يعني أن الأب إذا مات ولا مال للصبي فإنه يلزم كلا سن البائن والشريفة أن ترضع ولدها مجانا، سواء مات الأب موسرا، أو تلف المال، أو معسرا، وإذا مات الأب موسرا ولم يتلف المال فإنه يكون للصبي مال بسبب إرثه منه، وحينئذ فلا يلزمها الرضاع بل يؤاجر للولد من يرضعه.
وعلم مما قررت أن قوله: ولا مال للصبي. قيد في المسألتين: وهما أو يُعْدِمَ الأب أو يَمُوتَ، ومفهومه أنه لو كان للولد مال لم يلزمهما أن يرضعاه، بل يؤاجر له من يرضعه، وقد علمت من هذا أن مال الأب في حياته مقدم على مال الصبي، وأما بعد الموت فلا مال للأب لانتقاله للورثة والله سبحانه أعلم وقال الحطاب عند قوله: أو يعدم الأب، يريد ولا مال للصبي، فإذا لم يكن لواحد منهما مال ولها ابن (?) كانت مخيرة بين أن ترضعه أو تسترضع له، إلا أن لا يقبل غيرها فتجبر على رضاعه، فإن لم يكن لها لبن أجبرت على أن تسترضع له. قاله ابن رشد في شرح