وليس عجزه عنها عجزا عن الكتابة؛ يعني أن عجز من ذكر من مكاتبة ومكاتب عن النفقة على الولد والزوجة لا يكون عجزا عن الكتابة؛ لأنها منوطة بالرقبة فكانت كالجناية، وأما النفقة فشرطها اليسار كما علمت.
وعلى الأم المتزوجة؛ يعني أن الأم المتزوجة بأبي الرضيع يلزمها أن ترضع ولدها بلا أجر تأخذه على إرضاعها لأنه عرف المسلمين على توالي الأعصار في كل الأمصار. والرجعية؛ يعني أن الأم الطلقة طلاقا رجعيا كالزوجة فيلزمها أن ترضع ولدها بلا أجر تأخذه على ذلك للعلة المتقدمة. فقوله: إرضا ولدها، مبتدأ خبره على الأم، والرجعية والمراد بولدها ولدها من الزوج الذي هي في عصمته أو الطلق طلاقا رجعيا. بلا أجر؛ أي لا أجرة للتي في العصمة والرجعية في إرضاعهما للولد المذكور، وقوله: بلا أجر، حال من إرضاع أو متعلق به، والباء للملابسة. والله سبحانه أعلم.
إلا لعلو قدر، مستثنى من قوله وعلى الأم المتزوجة والرجعية؛ يعني أن ما مر من لزوم الإرضاع للتي في العصمة والرجعية إنما هو في غير علية القدر، وأما علية القدر فلا يلزمها أن ترضع ولدها من الزوج الذي هي في عصمته، أو المطلق لها طلاقا رجعيا، ومعنى علو القدر كونها من أشراف الناس بحيث لا تقتضي العادة أن مثلها يرضع ولدها، وقال غير واحد: علو القدر بالعلم والصلاح، ولو رضيت الشريفة بالإرضاع فلها الأجرة من مال الأب، فإن أعدم فمن مال الصبي. قاله عبد الباقي. وقال الحطاب: قال ابن عرفة: اللخمي: لذات الشرف إرضاعه بأجر انتهى وقال في التوضيح: نص عليه اللخمي وابن بشير وابن عبد السلام، وأفتى بعض أشياخ شيخي بأن الشريفة إن تواضعت للإرضاع لا أجر لها، لإسقاط حقها ولا كبير مؤنة عليها في لبنها. انتهى. وقوله إلا لعلو قدر؛ أي وإلا لمرض أو قلة لبن فلا يلزمها رضاعه، بل هو على الأب وقابل الأمير علية القدر بالدنية ولم يبن لي ذلك من كلامهم. والله سبحانه أعلم.
كالبائن؛ يعني أن المطلقة طلاقا بائنا لا يلزمها أن ترضع ولدها سواء كانت مبتوتة أم لا، وسواء في ذلك الشريفة وغيرها، فيلزم الأب أجرة رضاعه، وهذا التفصيل الذي مشى عليه المص بين البائن وغيرها، وعلية القدر وغيرها، هو الذي ذهب إليه مالك؛ وقال أبو حنيفة والشافعي لا يلزمها ذلك في حال من الأحوال. وقال أبو ثور: يجب عليها الإرضاع في كل حال، ومال إليه