لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره، ومحل جواز الخلع ما لم تلجأ المرأة إلى الفداء بسبب إضراره بها وإلا فلا يجوز له أخذ الفداء حينئذ لقوله تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، ولم يعرف ابن عرفة الخلع، قال الرصاع: وقع لبعض الشيوخ من قال وهذه أنه عرفه بقوله: عقد معاوضة على البضع تملك به المرأة نفسها ويملك به الزوج العوض، قال: وهذا صواب جار على قاعدة الشيخ في رسم العقود، ثم ذكر أن الأنسب بتعريفه الطلاق الأعم من الخلع أن يقال في رسم الخلع هنا: صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بسبب عوض على التطليق، ولكون الخلع يطلق على معنيين على المعنى الناشئ عن العقد وعلى العقد صح حده على المعنيين.
واعلم أن كلا من التعريفات الثلاث للخلع أعني تعريف المص وتعريف بعض الشيوخ من تلامذة ابن عرفة يرد عليه عدم شمول كل منها للطلاق بلفظ الخلع، وأجاب ابن عاشر بأن العوض فيه تقديرا لأنهم عللوها بأن الخلع يستلزم عوضا لكنه لم يطالبها به على معنى الهبة، قال: ويحتمل أن تكون هذه المسألة ذات عوض محقق؛ لأن من لازم كونها خلعا جريان أحكام الخلع فيه ومن جملتها سقوط النفقة أيام العدة، وأجيب أيضا عن المص بأنه حذف منه أو بلفظ الخلع بعد قوله: بعوض بقرينة ما يأتي. انظر الشبراخيتي.
واعلم أن الرسم يجب اطراده وانعكاسه أي كونه مانعا جامعا، وفي كلام عبد الباقي عن أحمد نظر، وقوله: "وهو الطلاق بعوض" يشمل ما إذا كان العوض من مالها وما إذا كان من حق لها عليه من صداق ونفقة حمل وكراء مسكن العدة، فأطلق لفظ الخلع على ما يشمل المبارأة والفدية والخلع، وفي المدونة ما الخلع وما المبارأة وما الفدية، قال مالك: المبارئة التي تباري زوجها قبل البناء تقول خذ الذي لك وتاركني، والمختلعة التي تختلع من كل الذي لها، والمفتدية التي تعطيه بعض الذي لها وكلها سواء ولا مشاحة في الاصطلاح، ولابن عاصم رحمه الله:
والخلع جائز والافتداء ... فالافتداء بالذي تشاء
والخلع باللازم في الصداق ... وحمل أو عدة أو إنفاق