رب يسر ولا تعسر ... يا ميسر كل عسير
باب: في الطلاق، وأصله في اللغة الانطلاق والذهاب، مأخوذ من قولك: أطلقت الناقة فطلقت إذا أرسلتها من عقال، فكأن ذات الزوج موثقة عند زوجها فإذا فارقها أطلقها من وثاق، ويدلك على ذلك قول الناس هي في حبالك إذا كانت تحتك، وقال الجوهري: وطلق الرجل امرأته تطليقا وطلقت هي بالفتح تطلق بضم اللام طلاقا فهي طالق وطالقة، قال الأخفش: لا يقال طلقت بالضم. انتهى. وأما حقيقته في الشرع فقال ابن عرفة: الطلاق صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بزوجته موجب تكررها للحر مرتين ومرة لذي رق حرمتها عليه قبل زوج. وفي الحديث: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق (?))، وفيه: إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات أي السريع النكاح السريع الطلاق، واستشكل الحديث الأول بإباحة الله تعالى له وبفعله عليه الصلاة والسلام، فكيف يوصف بالبغض فضلا عن كونه أبغض؟ وأجيب: بأن محمل كونه أبغض أنه أقرب الحلال إلى البغض فنقيضه أبعد عن البغض، فيكون أحل من الطلاق، (وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه طلق حفصة بنت عمر ثم راجعها (?))، وطلق العالية بنت ظبيان وهي كان يقال لها أم المساكين، ونكحت في حياته قبل أن ينزل عليه تحريم نسائه. وأول من طلق إسماعيل صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه، واعلم أن الأصل في الطلاق الجواز، ومنه إذا كانت الزوجة غير مؤدية حقه عند اللخمي، وقال ابن بشير: يندب في هذه الحالة كما إذا كانت غير صينة ولم تتعلق بها نفسه، ويكره إن كان كل منهما مؤديا حق صاحبه، ويجب إن فسد ما بينهما ولا يكاد يسلم دينه معها، ويحرم إن خيف من وقوعه ارتكاب كبيرة، ووقوع الطلاق منه صلى الله عليه وسلم لسبب رجحه كالتشريع. وقال الشبراخيتي: الطلاق لغة إزالة القيد كيف كان، ومنه لفظ مطلق ووجه طلق بكسر اللام وسكونها وطليق وحلال طلق بكسر الطاء وانطلقت بطنه وأطلق من السجن وانطلق إلى كذا، وشرعا قال ابن عرفة صفة حكمية ترفع حلية إلخ.